نسيان القرآن بسبب الانشغال

السؤال
ما حكم نسيان ما حفظتُ من القرآن إذا كان ذلك ليس إعراضًا وإنما لانشغالي؟
الجواب

جاء وعيد شديد على من نسي ما حفظ من القرآن لكنْ فيه كلام لأهل العلم، ففيه ضعف، ويبقى أن النسيان:

- إما أن يكون عزوفًا عن القرآن ورغبةً عنه، ولا شك أن مثل هذا يستحق اللوم والذم.

- وإما أن يكون لضعف الحافظة وليس له يد في ذلك، أو لآفة اعترتْه، فهذا لا إشكال فيه ولا شيء فيه.

ويبقى أنه أن قوله في السؤال: (نَسيتُ ما حفظت) جاء في الحديث الصحيح في (البخاري) وغيره: «بئس ما لأحدهم أن يقول: نَسيتُ آية كيْتَ وكيْتَ، بل نُسِّي» يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- «واستذكروا القرآن، فإنه أشد تفصِّيًا من صدور الرجال من النَّعم» [5032]، يعني أشد تفلُّتًا من الإبل في عقلها، فعلى حافظ القرآن ألَّا يفرِّط بهذه النعمة التي منحها الله إياه، فمن أعظم نعم الله على المسلم أن يكون في جوفه كلام الله -جل وعلا-، والقلب الذي فيه شيء من القرآن قلب عامر، والذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب -نسأل الله العافية-، فعلى المسلم أن يحرص على الحفظ، وأن يحافظ على هذا الحفظ لا يعرِّضه للنسيان، ونسيان القرآن لا شك أنه خسارة عظيمة، وبعض الناس ينشغل عنه بجمع الحطام من الدنيا، خاب وخسر إن نسي كلام الله بسبب اللهث وراء الدنيا.

على كل حال لا يجوز أن يقول: (نَسيتُ آية كيت وكيت) وإنما يقول: (نُسِّيت)، ولعل مرد ذلك ألَّا يكون ممن قال الله فيهم: {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [طه: ١٢٦]، وذلك إذا نسيها إما بالنسبة بأن يقول: (نَسيت)، أو بالتسبب في النسيان، والله -جل وعلا- يقول: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا} [البقرة: ١٠٦]، فالله -جل وعلا- هو الذي يُنسيه، أما إذا نَسي فجزاؤه أن يُنسى، والله المستعان.