تقصُّد المشقة في العبادة

السؤال
هل للعبد أن يتقصد العبادة التي فيها مشقة؛ لكي ينال الأجر وزيادة؟ 
الجواب

المشقة ليست مقصودة لذاتها في الشرع، لكن إذا أتت تابعة لعبادة أُجر عليها، فلو قال شخص: (أنا أذهب إلى المسجد البعيد؛ لأنه أكثر مشقة وأترك المسجد القريب) قلنا: المشقة تابعة للعبادة يؤجر عليها، وإذا كانت قدرًا زائدًا على ذلك فإنها غير مقصودة لذاتها، وإذا أتت تبعًا للعبادة فـ«أجركِ على قدرِ نصبكِ» [البخاري: 1787/ ويُنظر: المستدرك: 1733] كما في الحديث، وهذه إذا اقتضتها هذه العبادة، أما أن يقصدها وليست من متطلبات هذه العبادة فكما قرَّر أهل العلم أن المشقة لذاتها ليست مقصودة، و«إنَّ الله عن تعذيبِ هذا نفسَه لغني» [البخاري: 1865] كما جاء في الحديث.

فمن كان عنده مسجدان وأراد أن يذهب للأبعد منهما وفي الأبعد مشقة فإذا كان هناك مقصد وهدف شرعي غير المشقة كأن يكون هذا الإمام أتقى وأورع وأحفظ لصلاته وأنفع لقلب المصلي فهذا لا مانع منه؛ لأن هذا مقصد شرعي، أما أن يقصده لبعده ولترتب المشقة عليه فهذا لا يترتب عليه أجر، وكذا لو أراد أن يصلي في مسجد بعيد؛ ليمشي، حيث إن من عادته أن يمشي من باب العلاج أو من باب التخفيف أو ما أشبه ذلك، وتقدَّم قبل الأذان بما يكفيه للطريق فهذا من نوع المباح لا يترتب عليه أجر، ولو قصد تكثير الخطى فالخطى ما شرعت لذاتها وإنما هي تابعة للصلاة، فإذا كانت الصلاة تحصل بدونها فلا أجر فيها.