تحقيق وصف التعبُّد

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، من حافظ على الصلوات الخمس، وأتبعها بالنوافل، وحافظ على أذكار الصباح والمساء، هل يدخل في جنس المتعبدين، أم أن وصف التعبُّد مخصوص بصفات لا بد من توفرها؟
الجواب

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، على كل حال التعبُّد أمرٌ نسبي، فالذي يؤدِّي الواجبات ويترك المحرمات لا شك أنه على خيرٍ عظيم، والأعرابي الذي جاء يقول للنبي -عليه الصلاة والسلام-: زعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا، قال: «صدق»، قال: فبالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: «نعم»،... قال: والذي بعثك بالحق، لا أزيد عليهنَّ، ولا أنقص منهنَّ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لئن صدق ليدخُلَنَّ الجنة» [مسلم: 12]، وقال للآخر: «أفلح إن صدق» [البخاري: 46]، فهذا لا شك أنه مفلح، لكن إن زاد من أمور العبادة فالجنة درجات، والمسلم بحاجة ماسة إلى هذا القدر الزائد على الواجبات من العبادات؛ لأنه لا يضمن أن يأتي بالواجبات على وجهها، بل لا بد أن يؤدِّيها على وجه فيه شيء من النقص ولو في بعض الأحيان، وبعض الناس يقول: إنه صلى في المسجد وحافظ على الصلاة، لكن صلاة لم يَخرج منها إلا بنصف أجرها، بثلث أجرها، بربع أجرها، بعشر أجرها، هذه الصلاة لا شك أنها تحتاج إلى كثرة في النوافل؛ لتسُدَّ هذا النقص؛ لأنها صلاة ناقصة. وبعض الناس يغتر بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «الصلوات الخمس مكفرات ما بينهنَّ إذا اجتنبَ الكبائر» [مسلم: 233]، ويقول: (ما شاء الله، أنا أصلي الصلوات الخمس في المسجد، وهذه تُكفِّر)، الصلاة التي لا يخرج صاحبها إلا بعشر أجرها يقول شيخ الإسلام: إن كفَّرتْ نفسها يكفي، أما كونها تُكفِّر غيرها فلا.

فالمقصود بـ«الصلوات» أي: التي تؤدَّى على الوجه المطلوب «صلوا كما رأيتموني أصلي» [البخاري: 631]، فعلى الإنسان أن يُكثر من النوافل؛ علَّها أن تسدَّ هذه الخروم وهذه الخروق التي في الفرائض، فالإنسان إذا حوسب على صلاته، ورُؤي ما فيها من النقص، قيل: «انظروا هل لعبدي من تطوُّع»؟ [أبو داود: 864]، فإذا وُجد التطوع كُمِّل به النقص، والله المستعان.