التشريك في العبادة، والمراجع التي أشارتْ إليه

السؤال
لفظة التشريك لفظة عامة، فقد يُشرِّك المرء بين عبادة وعبادة، أو عبادة ومباح، أو عبادة ومعصية،...إلى آخره، فنود من فضيلتكم أن تنصحونا بمراجع في مسألة التشريك.
الجواب

مسألة التشريك مبثوثة في كتب أهل العلم، في التفاسير وشروح الأحاديث، والقرافي -رحمه الله- في (الفروق) أشار إليها.

والتشريك بين عبادة وعبادة مثل: ما حصل لعمر -رضي الله تعالى عنه- أنه يُجيِّش الجيوش وهو في الصلاة، هذا تشريك عبادة بعبادة، ويحصل مثل هذا في ظروفنا التي نعيشها، فمثلًا: إذا صلى الإنسان في المسجد الحرام في الدور الأعلى -مثلًا-، وهو يصلي ينظر إلى الناس وهم يموجون في صحن الحرم حول البيت يطوفون، والذاهب والآتي، والداخل والخارج، فيتذكَّر المحشر، فيتأثَّر بلا شك، ثم بعد ذلك يبكي من هذه الصورة، وهو يسمع كلام الله تعالى يُتلى في الصلاة، ويكون تأثُّره بهذا المنظر، مع غفلته عن صلاته، فهذا تشريك عبادة بعبادة، لكن الأولى أن ينجمع وينحصر الذهن على ما هو بصدده من الصلاة، فإن شرَّك عبادة بعبادة فلا شك أن أجره ليس كأجر من فرَّغ نفسه لِما أقبل عليه من صلاته، ومع ذلك فليس وضعه مثل وضع من شرَّك عبادة بمباح -مثلًا-، كحال شخصٍ قال له الأطباء: (لا بد أن تُكثر المشي)، أو (لا بد أن تُقلِّل الأكل)، فقال: (مادام نصحني الأطباء بكثرة المشي، فأَطوف حول البيت، وأُكثر من الطواف، وأَحصل على أجر الطواف)، فمثل هذا شرَّك عبادة بمباح، وأجره لا شك أنه حاصل -إن شاء الله تعالى-؛ لأنه ما عَدَل عن المشي في الأسواق إلى المشي في المطاف إلَّا من أجل أن يحصل على أجر، فبهذه النية يحصل أجره -إن شاء الله تعالى-، لكن ليس أجره كمن طاف لا يَنْهزه إلا الطواف، وقل مثل هذا في الصيام لمن أراد الحِمية.

وتشريك عبادة بمعصية -نسأل الله السلامة والعافية- لا شك أن مثل هذا إن اقترن بها من أولها إلى آخرها، لا سيما مثل الرياء الذي هو الشرك الأصغر، فهذا يحبطها، وإن طرأ عليه، ثم طرده، فمثل هذا يقول أهل العلم: إنه لا يُؤثِّر -إن شاء الله تعالى-.