التقليد في مسائل الاعتقاد

السؤال
هل يقع التقليد في مسائل الاعتقاد، وذلك أن بعض أمور العقيدة تحتاج إلى إمعانٍ في النظر وفحصٍ ثاقب؟
الجواب

الأصل فيمن استطاع النظر في الأدلة أنه لا يُقلِّد في دينه الرجال، فمن كانت لديه الأهلية في أن ينظر في الأدلة ويستنبط الأحكام منها فإنه يلزمه ذلك ولا يُقلِّد لا في العقائد ولا في الأحكام، ومن لم تكن لديه هذه الأهلية فإن فرضه حينئذٍ سؤال أهل العلم {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، وهذا شامل أيضًا للعقائد والأحكام، فلا يُكلَّف العامِّي أو مَن في حكمه ممن ليست لديه الأهلية في النظر في الأدلة والخلوص إلى الراجح من الأقوال بعد النظر في هذه الأدلة والموازنة بينها، لا يُكلَّف الاجتهاد وهذا شأنه، فإنه حينئذٍ يُكلَّف بما لا يطيق ولا يستطيع، والشرع بيَّن وفرَّق بين العالم الذي عليه أن يستنبط الأحكام وبين العامي ومَن في حكمه ممن فرضه التقليد وسؤال أهل العلم، وقال بالنسبة لمن لا يعلم: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} مفهومه أن الذي يعلم لا يَسأل أحدًا إنما ينظر بنفسه في الأدلة من الكتاب والسنة إذا كانت لديه الأهلية ويستطيع التعامل مع النصوص على الطريقة الصحيحة المتَّبعة عند أهل العلم، فإن هذا لا يَسأل؛ لأن سؤال أهل العلم مقيَّد بمن لا يعلم {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}، ومفهومه أن الذي يعلم وهو من يعرف الأدلة ويستطيع التعامل معها على القواعد المعروفة عند أهل العلم المدونة في كتب اللغة وكتب أصول الفقه وعلوم الحديث وغيرها مما يحتاجه العالم مما يُسمى عند أهل العلم بعلوم الآلة، فإنه لا يسأل أحدًا وإنما يستنبط بنفسه من الأدلة.