الطريقة المثلى للتَّفَقُّه

السؤال
ما الطريقة المثلى للتَّفَقُّه؟
الجواب

التفقه في الدين الذي جاء الحث عليه بقوله عليه -الصلاة والسلام-: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» [البخاري: 71] يُراد به الدين بجميع أبوابه، وليس المراد به الأحكام فقط، وإنما يشمل جميع أبواب الدين بدلالة حديث جبريل لما سأل النبيَّ -عليه الصلاة والسلام- عن الإسلام، والإيمان، والإحسان، قال: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» [مسلم: 8]، ولو كان المراد به الفقه الاصطلاحي ما كان قوله -عليه الصلاة والسلام-: «يعلمكم دينكم» داخلًا في قوله: «يفقهه في الدين»؛ لأنَّ من أسئلته ما لا يدخل في الفقه الاصطلاحي الذي هو الأحكام، وأما الفقه بمعناه العام فهو يشمل الفقه الأكبر المعروف عند أهل العلم بـ(العقائد)، كما أنه يشمل فقه الفروع والأحكام، على هذا كأن السائل يقصد الفقه الاصطلاحي، فهو يريد الطريقة المثلى للتفقه الفقه الاصطلاحي، الذي هو معرفة الأحكام في الأبواب الفقهية المقسَّمة إلى أربعة أقسام: العبادات، المعاملات، المناكحات، الجنايات، فإذا كان المراد هذا، فإن على طالب العلم أن يَخْتَار -أو يُخْتَار له من قِبل شيوخه- متنًا مناسبًا لِسِنِّه وتحصيله، وأيضًا مناسبًا لما عليه أهل بلده، فيَختار متنًا في مذهب معين يجري عليه عامة أهل البلد أو جمهورهم، ثم ينظر في مسائل هذا المتن، يأتي إليها فيتصورها تصورًا دقيقًا بواسطة الشروح المقروءة والمسموعة، فأول ما يبدأ به تصور المسائل، ثم بعد ذلك يستدل لهذه المسائل، وهذه تكون عَرضةً ثانية للكتاب، ثم بعد ذلك ينظر مَن وافَق المؤلفَ، ثم ينظر مَن خالف المؤلفَ مع ذكر دليله، هذه عَرضة ثالثة أو رابعة، وإذا انتهى من هذه العَرضات وازن بين هذه الأقوال بأدلتها، ولا ينتهي من هذا المتن إلا ولديه حصيلة فقهية، ورصيد يستطيع بواسطته -بإذن الله- إذا رُزق فقه النفس، ورُزق الإخلاص والعناية بالأدلة من نصوص الوحيين أن يتأهل للقضاء والفتوى والتعليم وغيرها.