مظان إيراد الحديث تامًّا وإيراده مقطَّعًا وفائدة كل منهما

السؤال
أشعر أن فائدتي في قراءة الحديث تامًّا مع سبب وقوعه وقصَّته ومنتهاه أكثر من قراءتي له مقطَّعًا كما فعل البخاري -رحمه الله-، كما أنني أستفيد منه هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-وكيفية تعامله في مختلف الأحوال، وسؤالي: أين أجد أحاديث الصحيحين بتمامها بحيث يُذكَر الحديث من أوِّله إلى منتهاه؟
الجواب

الإمام البخاري يقطِّع الحديث الواحد فيورد منه جُملًا يقتصر منها على موضع الشاهد في مواضع متعددة، فقصة جمل جابر –رضي الله عنه- أوردها البخاري في عشرين موضعًا أو أكثر، وترجم على كل جملة منها بترجمة هي فقه الإمام المستنبط من هذا الحديث، فتقطيعه لفائدة عظيمة وهي الاستنباط، ومع ذلك لو أن طالب العلم استفاد هذه الفوائد وعرف هذه التراجم وربط بينها وبين الجُمل التي اقتطعها البخاري من هذا الحديث، ثم بعد ذلك جمعها في موضع واحد حصل له ما يريد؛ لأن البخاري أحيانًا يذكره مختصرًا جدًّا، وأحيانًا يكون بأطول، وأحيانًا يكون تامًّا، في أحاديث مختلفة.

على أن الإمام مسلم يحقق للسائل ما أراد، فهو يجمع طرق الحديث وألفاظ الحديث في موضع واحد، فيتفقه الطالب على (صحيح البخاري) ويستفيد قراءة الحديث كاملًا من (صحيح مسلم)، وإذا أراد المتفق عليه فليقرأ في (اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان)، وإذا أراد مجموع ما في الصحيحين فليقرأ في كتب الجمع بين الصحيحين، وأفضلها عبد الحق الإشبيلي، وهناك (الجمع بين الصحيحين) للحميدي، وفيه فوائد، وقد يزيد شيئًا على ما في الصحيحين بعض الجمل أخذًا من المستخرجات، وإذا توسَّع وأراد أن يجمع طرق الحديث وألفاظ الحديث من الكتب الخمسة و(الموطأ) فعليه بـ(جامع الأصول)، مع ملاحظة أن ما في (جامع الأصول) أو في الحميدي قد يكون مختلفًا عمَّا في الأصول؛ لأن الحميدي يعتمد على المستخرجات حتى وإن قال: (رواه البخاري ومسلم)، وكذلك (جامع الأصول)؛ لأنهما يعتمدان على المستخرجات، وكذلك البيهقي قد يخرجه من (البخاري) ولا تجد هذا اللفظ في (البخاري) بل تجد لفظًا يختلف يسيرًا، بل ربما يختلف لفظًا ومعنىً كما قال الحافظ العراقي:

.......................

بل خالفتْ لفظًا ومعنىً رُبَّما

في هذه المجاميع التي تعتمد على المستخرجات لا شك أن الطالب يكون على حذر ولا يعزو اللفظ إلى الأصل حتى يقابله بالأصل.

يقول السائل: (إنه يشعر أن فائدته بقراءة الحديث تامًا مع سبب وقوعه) يعني سبب وروده، وسبب الورود هو السبب الباعث للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن يقوله، وسبب الإيراد من الصحابي أو من دونه في مناسبة يورد هذا الحديث، وسبب الورود نظير سبب النزول، ولا شك أنه يعين في فهم النص؛ لأنه إذا عرف السبب -كما يقول الناس- بطل العجب، فتتكشف أمور قد لا يوحي بها النص مباشرة وإنما تُؤخذ من الظرف الذي ورد فيه هذا النص.