أصح كتاب في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-

السؤال
ما أصح كتاب في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
الجواب

أما أصح: فالسيرة وعموم السير يتساهل الأئمة في رواية ما ورد فيها، ويَقبلون فيها الضعيف، ولا يشترطون في ذلك الصحة، هذا قول الأئمة الكبار، يقول الإمام أحمد: إنهم يتساهلون في أحاديث المغازي، والتفسير، والفضائل، هؤلاء الأئمة، لكنهم لا يروون فيها الضعيف المكذوب.

وعلى كل حال تحرِّي الصحة والدقة مطلوبٌ من طالب العلم، ولكن لا يُشترط ألا تُكتب السيرة إلا بأسانيد صحيحة؛ لأنه ليس كل أخبار السيرة يترتَّب عليها أحكام، بل هي مجرد أخبار، وقام بعضهم بتجريد السيرة من الأخبار الضعيفة، ففَقدتْ هذه الكُتب الربط بين أحداثها؛ لأنه قد يكون الخبر الضعيف لمجرد الربط بين خبرين، ولا يترتَّب على هذا الرابط حكم، بينما ما يترتب عليه حكم لا بُد أن يُعرَض على موازين القبول للأحكام.

وبالنسبة لما يُنصَح به من كُتب السيرة، فـ(سيرة ابن هشام) ومختصراتها مطلوبة، وسيرة ابن سيد الناس (عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير)، وهو من أفضل ما كُتب في السيرة، ومن أفضل وأنفع وأخصر كُتب السيرة (مختصر السيرة) للإمام المُجدد محمد بن عبد الوهاب، ومزيَّته في ربط أحداث السيرة بمسائل العقيدة، ويُركِّز على هذا الشيخ –رحمه الله-، فيستفيد القارئ مسائل من مسائل الاعتقاد مربوطةً بالأحداث، وهذا مما يُوضِّح ويُركِّز هذه المسائل.

وأخذ العلوم من أصولها يُعين على فهمها وثبوتها، فمثلًا: إذا أخذتَ مسائلَ أصولية -مثلًا- من كتاب التفسير الذي أخذ هذه المسألة الأصولية من الآية ورَبَط حكمها الأصولي بالآية، أو ربطه بشرح حديث -مثلًا- وأخذ هذا الحكم من حديث، تتَّضح لك الفكرة، وجرَّبنا هذا، فوجدنا أن ما يُوجد في كُتب الشروح والتفاسير من المسائل سواء كانت عقدية، أو أصولية، أو قواعد حديثية، أو قواعد من قواعد التفسير، مربوطًا بأصولها من الكتاب والسُّنَّة: يُعين على فهم المسألة وترسيخها. وقد وجدنا في كُتب شروح الأحاديث من مسائل هذه العلوم ما هو أوضح من الكُتب التي صُنِّفتْ أساسًا لهذه العلوم، والله المستعان.

فعلينا أن نُعنى بهذا، ولا يعني أننا لا نحفظ المتون في بداية الطلب التي أُلِّفتْ للمبتدئين، ثم للمتوسطين، لكن إذا وجدنا هذه المسائل فيما يرتبط بالأصول الأصلية -الكتاب والسُّنَّة- فإننا نحرص عليها؛ لأنها تطبيقٌ للتنظير الذي قرأناه سابقًا، والعلم يَثبت بتطبيقه، والله المستعان.