أفضل شروح (رياض الصالحين)

السؤال
ما أفضل شروح (رياض الصالحين) الذي يجمع بين الرواية والدراية؟
الجواب

كتاب (رياض الصالحين) لأبي زكريا يحيى بن شرف النواوي الشافعي كتاب مبارك، عمَّ نفعه واشتهر ذكره، وأفاد منه المسلمون في جميع الأقطار، ومنذ تأليفه إلى يومنا هذا وهو يُقرأ على عامة الناس، ويفيد منه خاصتهم، واعتنى به العلماء في شرحه وتدريسه، فشروحه كثيرة، منها شرح لابن علَّان في ثمانية أجزاء صغيرة، أو في أربعة إذا جمعنا كل جزأين في مجلد، وهو شرح متوسط مفيد ونافع، لكنه جرى فيه على طريقة الأشاعرة في تأويل الصفات، وهو أخصر من شرحه للأذكار، والفوائدُ في شرح (الأذكار) أكثر منها في شرح (رياض الصالحين)، وعلى كل حال هما كتابان مفيدان إذا استثنينا ما جرى فيه على طريقة الأشاعرة من تأويل الصفات، فينبغي بل يجب ويتعين أن يُعلَّق على الكتابين بما يوافق مذهب أهل السنة والجماعة، وعلى كل حال هما مفيدان لطالب العلم.

وشرح (رياض الصالحين) لابن علَّان ما حقق تحقيقًا علميًا يليق به، وكلٌّ من أهل العلم ممن قرأ الكتاب علَّق على نسخته بقلمه، والمفترض أن تنشر هذه التعليقات؛ لئلا يغتر به العامة؛ لأن الناس يستفيدون عامتهم وخاصتهم من الأصل الذي هو (رياض الصالحين)، فقد أجاد فيه المؤلف -رحمه الله-، وانتقى الأحاديث والتراجم والأبواب التي يحتاجها الناس حاجة ماسة، ويفيد منها العامة والخاصة، والنووي -رحمه الله- حرِص أن تكون أحاديث كتابه صحيحة أو حسنة، ولا يعني ذلك أنه خالٍ من الضعيف، بل فيه أحاديث يسيرة حُكِم عليها بالضعف، وفي الجملة هي من أحاديث الفضائل التي يقبلها جمهور أهل العلم، وإن كان المرجح عدم القبول بالنسبة للأحاديث الضعيفة في جميع أبواب الدين، لكن جماهير أهل العلم ونَقل النووي في مقدمة (الأربعين) الإجماع على قبول الضعيف في فضائل الأعمال، وهو قول لا يُسلَّم له؛ لوجود المخالف.

هذا بالنسبة لشروح المتقدمين هذا الشرح نافع، وشرحه بعض المتأخرين أذكر منهم على سبيل المثال الشيخ فيصل بن مبارك في كتاب أسماه (التطريز) وهو شرح مختصر كعادته -رحمه الله-، وشرحه شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين بشرح مطوَّل مفيد جدًّا، مملوء بالفوائد والتوجيهات، يستفيد منه طلاب العلم كما يستفيد منه العامة، ولذا يوصى بقراءته في المساجد على الناس، وبقراءة شرح الشيخ فيصل؛ لاختصاره أيضًا.

على كل حال هذه أهم الشروح الموجودة المطبوعة على الكتاب، وهناك تعليقات وتحقيقات منها تخريجات الشيخ الألباني على الأصل (رياض الصالحين)، ينتفع بها طلاب العلم.

وأما بالنسبة للرواية فما أعرف في الشروح من اهتم بهذا الجانب؛ لأن المؤلف جرَّد الأحاديث من الأسانيد، وانتقى من الأحاديث ما صح أو حسن، وشذَّ وندَّ عن شرطه بعض الأحاديث التي حُكم عليها بالضعف، ولذا لا تجدون الشراح يعتنون بالرواية، لا سيما وأن الكتاب موجَّه لعامة الناس في الأصل، فلا يحتاج إلى معرفة الرواية في مثل هذا الكتاب.