الاستحلال ومدى إخراجه من الملة، والمراد به في حديث «يستحلون الحر والحرير..»

السؤال
هل هناك استحلال لا يُخرج من الملة؟ وفي قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» ما المراد بهذا الاستحلال؟
الجواب

يقول: (هل هناك استحلال لا يُخرج من الملة)؟ استحلال المحرَّم المقطوع بتحريمه المتفق عليه بين أهل العلم الذي فيه النصوص الصريحة هذا لا شك أنه مخرج من الملة، كما جاء في الحديث استحلال «الحر والحرير» [البخاري: 5590] أي: الزنا، ولبس الحرير المحرم، «والخمر» كذلك، «والمعازف» التي جاءت النصوص بتحريمها، أما الأمور المختلف فيها لا سيما إذا كان المخالف في حلها له دليل واضح وصريح فإنه لا يَخرج من الملة، وهناك أمور مختلَف فيها بين أهل العلم، وممن يستحلها بعض العلماء ومقلِّدوهم، فلا يخرجون من الملة، لكن على الإنسان أن يتحرى الصواب بدليله من الكتاب والسنة ولو وجد الخلاف، وفي قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «ليكونن من أمتي أقوام، يستحلون الحر والحرير» وهو: الزنا ولبس الحرير المحرَّم، «والخمر والمعازف» -نسأل الله العافية-، المراد بهذا الاستحلال اعتقاد هذه المحرمات حلالًا، وهذا لا شك أنه وعيد شديد، وجاء في حديث آخر عند ابن ماجه أنهم يُخسف بهم [4020]، نسأل الله العافية.

ولا يُشكل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أمتي» أي: كونه قال: إنهم من أمته، فهم موجودون في أمته، ويكون قوله: «من أمتي» باعتبار ما كان قبل الاستحلال، فقبل الاستحلال هم من أمته، وأما بعد الاستحلال فإنهم لا يخرجون من أمته باعتبار أمة الدعوة؛ لأن الأمة المحمدية تنقسم قسمين: قسم أمة الإجابة، وقسم أمة الدعوة، وأمة الإجابة هم من استجاب لمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وأمة الدعوة هم كل من جاء بعد بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- ممن تشملهم دعوته كافرهم ومؤمنهم، فهم قبل الاستحلال من أمة الإجابة، وبعده بخروجهم عن دينه -عليه الصلاة والسلام- يكونون من أمة الدعوة، على أن بعضهم ينازع في كونهم خرجوا من الأمة، وأن هذا الوعيد الشديد لا يخرجهم من الأمة وإن استحقوا هذا الوعيد وما رُتِّب عليه، فالمسألة خلافية بين أهل العلم، لكن يبقى أن مَن يستحل الزنا ويستحل الخمر ويستحل ما أُجمع على تحريمه لا شك أنه يخرج من الدين بذلك.