الطرق العملية لتصدي طلاب العلم للفتاوى المتساهلة في الذهاب إلى السحرة

السؤال
ما الطرق العملية لقيام الشباب بنجدة التوحيد الذي غُزي من كل حدبٍ وصوبٍ بالفتاوى المتساهلة بالذهاب للسحرة والعرافين والقنوات الفضائية التي تبث وتُعلِّم الناس السحر والبدع والشعوذة؟
الجواب

لا شك أن مثل هذا الشر يُصيب المسلم في صميم عقيدته، ويناقض التوحيد مناقضة تامة، والآن السحر دخل قعر بيوت عوام المسلمين الذين لا يفرقون بين الحق والباطل -نسأل الله السلامة والعافية-، والاطلاع على هذه القنوات مع العلم مُسبقًا أنه يفتح على هذه القناة هو مثل إتيان الساحر، «مَن أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» [مسلم: 2230]، يعني: مجرد فتح القناة مع علمه بأنها قناة سحر فحكمه كما لو ذهب إلى ساحر؛ لأن الذي في هذه القناة ساحر، فإن صدَّقه فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- [أبو داود: 3904 / ومسند أحمد: 9536]، الأمر خطير جدُّ خطير، فهو يناقض رأس المال مناقضة تامة، فلا يمكن التوفيق بين الكفر والإسلام، ولا يمكن التوفيق بين الشرك الأكبر والتوحيد، ومثل هذه الفتاوى التي سُهِّل فيها موضوع الذهاب إلى السحرة والعرافين والكهنة لا شك أنها تجرُّ إلى مثل هذا، فلا شك أن مَن ذهب إلى ساحر ليفك عنه السحر -على حدِّ زعمه وزعم من أفتاه- أنه سوف يصدِّقه لا محالة، ولا يمكن أن يستفيد من سحره ولا يصدِّقه، تزعم أنه كاذب وتعمل بما يطلب! هذا تناقض، وإذا صدَّقه كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-، فكيف يقال: اذهب إلى ساحر يفك عنك السحر؟ -نسأل الله السلامة والعافية-، وهذا في وقتٍ لا يوجد فيه مثل هذه القنوات.

ومما يُذكر عن هذه القنوات أنها تُظهِر السحرةَ من رجال ونساء على هيئة عِبادٍ صالحين، فتجد المرأة متحجبة حجابًا لا يُرى منها شيء، بالقفازين وباللباس الفضفاض، هذا كله من باب الدَّجل والضحك على الناس وتغرير الناس بهؤلاء، وإلَّا فهي قنوات شركية لا يجوز قصدها، ولا شك أنها إنما تأتي بسبب الدشوش التي ابتُلِي بها كثير من بيوت المسلمين، وفتاوى أهل العلم في تحريمها، سواء كانت هذه القنوات إباحية تعرض المنكرات، أو تعرض الشبهات، أو تعرض الكفر الصريح البواح -كهذه-، أفتى أهل العلم بتحريم اقتنائها، وأن من اقتناها وأدخلها في بيته ومكَّن مَن ولَّاه الله عليهم من رؤيتها أنه لا شك غاشٌّ لرعيته، وهذا أقل ما يقال فيه -نسأل الله السلامة والعافية، والله المستعان-.

وطلاب العلم منهم مَن لديه الأهلية ويستطيع الرد على هؤلاء، ويقصد هذه القنوات بنية الرد عليهم، فيتصل عليهم ويرد عليهم، هذا مأجور ومجاهد إذا أَمِن على نفسه التأثُّر، فلا بد أن يكون لديه من العلم ما يأمن معه بإذن الله -جل وعلا- من التأثُّر بهذه القنوات، وإلَّا فإن الكارثة -وإن كانت النية صالحة- فيما لو تأثَّر بشيء من كلام هؤلاء السحرة الكفرة الفجرة -نسأل الله السلامة والعافية-، وإذا كنا نُحذِّر طلاب العلم من بعض الكتب التي تؤثِّر في العقائد -مع أن أمرها واضح وبيِّن لكن لا يقرؤها كل طالب علم-، فلأن يُحذَّر من الشرك والكفر البواح في مثل هذه القنوات من باب أولى، ولا يجوز بحال أن تُقصد هذه القنوات إلا لمن مكَّنه الله -جل وعلا- من العلم والإيمان الراسخ في الرد على مثل هؤلاء، وبيان شبههم ودعاويهم.