المقومات التي تجعل لطالب العلم ملكةً في علم العربية

السؤال
ما المقومات التي تجعل طالب العلم عنده ملكةٌ في علم العربية؟
الجواب

إذا تدرَّج في دراسة علم العربية، وأخذها عن أهلها من علماء العربية ممن لديهم العلم بالعربية، ولا يلزم أن يكونوا من المتخصصين، بل كثير من علماء الشريعة لديهم العلم الكافي في العربية، ويتخرَّج على أيديهم من طلاب العلم مَن يتدرَّج في هذا العلم، ودروس العلماء وجداولهم شاملة لعلم العربية وغيره من العلوم، فإذا قرأ الطالب على الشيخ متون العربية التي أُلِّفتْ لطلابها وتدرَّج في ذلك فقرأ –عندنا- (الآجرومية) مثلًا مع (شرح العشماوي) و(شرح الكفراوي)، ولكل واحدٍ منهما ميزة ليست في الآخر، فالعشماوي عنده قواعد وضوابط لم يذكرها الكفراوي، وعند الكفراوي من سعة الصدر والنفَس في تمرين الطالب على الإكثار من الأمثلة وإعراب هذه الأمثلة ما ليس عند العشماوي، فيحفظ المتن الذي هو (الآجرومية)، ثم يقرأ شرحي العشماوي والكفراوي على شيخ يُحلل له الألفاظ، ويحل له المشكلات، ثم بعد ذلك يترقَّى إلى كتاب (قطر الندى) لابن هشام مع شرحه له، ويكون ذلك على عالمٍ أيضًا، ثم بعد فهمه (للقطر) وشرحه لا مانع من أن يقرأ في (الألفية)، ويحفظ منها ما يُحتاج إليه إن كانت حافظته لا تسعف في حفظها كلها، فيوجَّه إلى حفظ الأبيات والقواعد والضوابط الكلية في هذه (الألفية)، ويقرأ معها (شرح ابن عقيل)، ويكون على يد عالِم يشرح له الأبيات ويوضِّح له ما في الشرح من مشكلات، ويعتني بالشواهد، وفي هذه المرحلة يُكثر له الشيخ من الأمثلة والتطبيقات مع عنايته بالشواهد، والشواهد لها شروح، والعناية بها تُثري ملكة الطالب وتنميها من النواحي العربية: النحوية، والصرفية، والأدبية أيضًا، فمثل هذا ينبغي أن يهتم به طالب العلم ويتدرَّج في هذا العلم، وإذا أنهى (الألفية) مع شرحها لابن عقيل واقتصر على ذلك فيكفيه هذا، وإن أراد أن يقرأ ما هو أوسع من ذلك من كتب العربية لا شك أنه سوف يستفيد، لكن هذا القدر كافٍ لطالب العلم الشرعي، والبلدان تتفاوت، فبعضهم يقدِّم (الملحة) على (القطر) في بعض البلدان، و(الكافية) لابن الحاجب لها نصيب وافر من جهود العلماء والمتعلمين في أقطار المسلمين على مرِّ العصور، ولكن في بلادنا التدرُّج يكون هكذا: (الآجرومية) مع شروحها المذكورة، وبعدها (القطر) مع شرحه، ثم (الألفية) مع (شرح ابن عقيل)، وهذا القدر يكفي -مثل ما قلتُ سابقًا- لمن ضبط هذه الكتب الثلاثة وأكثر الأمثلة وإعراب هذه الأمثلة، فأحيانًا في (شرح الكفراوي) يَذكر عشرة أمثلة ثم يُعربها كلها، وقد يزيد على ذلك، فلديه صبر على الإكثار من الأمثلة والإعراب، مما يجعل للطالب ملكةً إعرابيةً تتكون لديه من كثرة هذه الأمثلة، والله أعلم.