دراسة علم المنطق

السؤال
هل تنصحون بدراسة شيء من المنطق، إذ الكتب الأصولية مليئة بمصطلحات هذا الفن، ويحتاج الطالب إلى فهم هذه المصطلحات، فما رأيكم؟
الجواب

أولًا: المنطق مثلما قالوا: كلحمِ جملٍ غثٍّ على رأسِ جبلٍ، لا يستفيد منه الغبي، ولا يحتاج إليه الذكي، ويُخشى على طالب العلم متوسِّط الفهم أن يدخل ولا يستطيع الخروج، وإلَّا فشيخ الإسلام -رحمه الله- ما استطاع أن يرد على المبتدعة إلَّا بعد أن قرأ في علومهم.

ومِن العجائبِ أنهُ بسلاحهمْ
 

 

أرداهمُ تحتَ الحضيضِ الداني
 

فبقواعدهم التي قعَّدوها، وبأصولهم التي أصَّلوها، ردَّ عليهم ونقض قواعدهم، و(نقض التأسيس)، و(درء تعارض العقل والنقل) شاهدان على هذا، وقد مرَّ بنا في (منهاج السنة) في المجلد الأول قريب من ثلاثمائة صفحة وجودها وعدمها سواء عند كثير من طلاب العلم، كأنها طلاسم؛ لأنها مبنية على هذه القواعد التي لم يتعلَّمها طلاب العلم، وكذلك في المجلد السادس قريب من هذا، و(درء تعارض العقل والنقل) فيه مواضع كثيرة على طالب العلم ألَّا يشق على نفسه بقراءتها، و(نقض التأسيس) كذلك، فهذه كتب من أعظم ما أُلِّف في الرد على المبتدعة، ومن أعاجيب الدهر في مجال التصنيف.

واقرأْ كتابَ (العقلِ والنقل)ِ الذي             .

 

ما في الوجودِ لهُ نظيرٌ ثاني             .

وكذلكَ (التأسيس) أصبحَ (نقضهُ)             .

 

أعجوبةً للعالمِ الرباني             .

ومِن العجائبِ أنهُ بسلاحهمْ
.

 

أرداهمُ تحتَ الحضيضِ الداني
.

فيسمع طالب العلم المتوسِّط أو المبتدئ هذا المدح من ابن القيم -رحمه الله-، فيذهب يشتري هذه الكتب، ويبدأ بقراءتها، والنتيجة أنه ينصرف عن العلم بالكلية، فهذه تُترك، فليست للمبتدئين أو المتوسِّطين، وعرفنا من شيوخنا الكبار الذين تخصُّصهم في باب الاعتقاد وعنايتهم بكتب شيخ الإسلام، يمرون على بعض المباحث في (تعارض العقل والنقل) ويقولون: (هذه ما تُفهم).

وتجد طالب العلم أيضًا بالمقابل يسمع مدح الحافظ ابن كثير -رحمه الله- لـ(علل الدارقطني)، فيذهب يشتريه، ويقرأ فيه، ثم تنسد نفسه عن العلم والقراءة، ولذلك يوصَى طالب العلم بالقراءة بالأسهل، ثم الذي يليه، وهكذا، فما يوصَى طالب علم الحديث في البداية بأن يقرأ (فتح الباري)؛ لأنها تمر عليه مسائل، وعُضَل، ويمر عليه أيضًا معقَّدات لا يفهمها، والصفحة أيضًا مليئة بالعلم، فيحتاج إلى وقت طويل ليتجاوزها، فيقال له: ابدأ بـ(شرح النووي على مسلم)، أو (شرح الكرماني على البخاري)، فهذان في ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر ستنهي الكتاب، وبعد ذلك تُحب القراءة، وتبدأ بما فوقه، وهكذا.

والسؤال له حظ من النظر (هل تنصحون بدراسة شيء من المنطق؟)، ومعلوم أن دراسة المنطق محل نظر عند أهل العلم.

فابنُ الصلاحِ والنواويْ حرَّما             .

 

وقالَ قومٌ: ينبغيْ أنْ يُعلما             .

فنحتاج إلى شيء من معرفة المنطق، لكن ليس كل الناس يحتاجونه، إنما يحتاجه النبهاء من طلاب العلم، الذين تمكَّنوا من معرفة عقيدة السلف، فأسِّس وأصِّل، ثم بعد ذلك انظر في أقوال المخالفين.