كتاب (جامع المسائل) لعزيز شمس، ومدى احتوائه على مسائل جديدة

السؤال
كتاب (جامع المسائل) الذي جمعه عزيز شمس، هل هو عبارة عن مسائل ليست موجودةً في كُتب ابن تيمية السابقة، أم عبارة عن مسائل مُكررة؟
الجواب

يقول جامعه في مقدمة مؤلَّفهِ: (هذه مجموعة من رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية وفتاواه ومسائله التي لم تُنشر من قبل –هكذا يقول-، استخرجتُها من مجاميع مخطوطة في مكتبات عديدة، بعد العكوف عليها طويلًا ومراجعة الرسائل الموجودة فيها، والتمييز بين ما طُبع منها وما لم يُطبع. وقد كان يُظَن إلى عهدٍ قريب أن أكثر آثار شيخ الإسلام الموجودة في المكتبات طُبعتْ ونُشرتْ ضمن مجاميع ومؤلفات مستقلة، وإذا بي –يقول الجامع- أقف على عدد من كتبه الكبيرة ورسائله الصغيرة لم يُنشر حتى الآن، وخاصة تلك التي وصلتْ إلينا بخطِّه المعروف الذي يصعب قراءته حتى على المتخصصين في قراءة الخطوط القديمة. فأحببتُ أن أُسهم في نشر ما وقفتُ عليه منها).

شيخ الإسلام أولًا: خطُّه متميز ومعروف، فهو يكتب ولا يرفع القلم، ولذلك يتشابك الخط، وكثير من أهل الخبرة والمعرفة بالخطوط القديمة قد لا يستطيعون أن يُترجموا ما كتبه شيخ الإسلام من هذه الحروف المتشابكة، فشيخ الإسلام –رحمه الله- يحتاج إلى شخص تخصَّص في كُتبه وفي خطِّه، ومَن عرف وتخصَّص وتدرَّب على خطِّ عالمٍ من العلماء فإنه لن يَقف في وجهه شيء، وهذا شيء مُجرَّب، وأنا جربتُ هذا في خط السخاوي، فيه صعوبة، ومع ذلك بعد أن عانينا كتابَه (شرح الألفية) عرفنا خطَّه، وصار من أيسر الأمور علينا، ومَن عانى خطَّ شيخ الإسلام فإنه لن يتردَّد في قراءة أي حرفٍ منه إلا ما زال من الوجود، أما الموجود فإنه يُقرأ من قِبل المتخصصين، وأحسب أن جامع هذا المجموع منهم.

وكُتب شيخ الإسلام –رحمه الله- كثيرة جدًّا، ومؤلفاته فيها المطولات، وفيها المختصرات، وفيها الرسائل القصيرة، وفيها الأجوبة على مسائل، فهي متنوعة، وقد ضم كثيرًا منها كتاب (ترتيب المُسند) لابن عروة المشرقي مع شرحه الذي زاد على مائة مُجلد كبار، وهو يتحيَّن الفُرص في الشرح، فإذا أتى على ذِكر مسألةٍ فيها مُصنَّف لشيخ الإسلام كتبه بكامله في هذا الموضع، أو لابن القيم، أو لغيرهما من أئمة التحقيق، لكنه ركَّز على كُتب شيخ الإسلام وابن القيم؛ لأنها في وقته تُتلَف، فأراد أن يحفظها بهذا الديوان الكبير الذي اسمه (الكواكب الدراري في ترتيب مُسند الإمام أحمد على صحيح البخاري)، وأنا اطلعتُ على شيءٍ من ترتيبه (للمسند) على (صحيح البخاري)، فوجدته من أنفس ما كُتب في المتابعات والشواهد لأحاديث (البخاري)، فترتيبه مطابق جدًّا على ترتيب (البخاري)، وهو أفضل من كل من رتَّب (المُسند)؛ لأنه رتبه على (البخاري)، وتجد الحديث في (البخاري) وتجد له أكثر من طريق، فله طُرق كثيرة وشواهد في (المُسند) رتَّبها ابن عروة مع هذا الحديث الذي أورده البخاري من ضمنها، يعني رواه الإمام أحمد وقد رواه البخاري، لكن الأصل أحاديث (المُسند) مرتَّبة على (صحيح البخاري).

فالكتاب نافعٌ جدًّا والعيب فيه أن فيه خرومًا، يعني: فيه نقصًا في مواضع حتى في الترتيب، ولو وُجِد الترتيب كاملًا لكان طبعه من أنفع ما يخدم (صحيح البخاري)، ويخدم طلاب العلم، وبعض الناس لهم رغبة في قراءة (المُسند)، لكن ترتيبه على المسانيد يفتُّ في عضدهم مع طوله، دعنا ممن مثل الحافظ ابن كثير الذي يحفظ (المُسند)، وجمعٌ من أهل العلم لهم عناية بـ(المُسند) فائقة، بل بعضهم عنايته به تُضاهي الصحيحين، والله المستعان.

وعلى كل حال فالكتاب الأصل (ديوان السُّنَّة)، وفيه أكثر من ثلاثين ألف حديث، وهو مطبوع ومتداول ومُخرَّج، ولو وُجِد كتاب ابن عروة في ترتيبه (للمسند) على (صحيح البخاري) لانتفع الناس به كثيرًا، والله أعلم.

والمقصود هنا أن كتاب (الكواكب الدراري) جمع كُتبًا كثيرةً من كُتب شيخ الإسلام، حتى المطولات التي في خمسة مجلدات، أو عشرة مجلدات نسخها بكاملها، والكتاب في أكثر من مائة وعشرة مُجلدات، وُجِد إلى مائة وعشرة، وفيه خروم في أثنائه، يعني مجموع ما وُجِد أكثر من ثمانين مجلدًا، والآن يُسعى في تحقيقها ونقلها من المخطوط إلى حروفٍ مقروءة، وقد تم ذلك -ولله الحمد-، لكن يبقى أن هذه الخروم تفتُّ في عضد مَن يسعى في تحقيقه ونشره، وإلا فقد اكتملتْ طباعته، أعني: طباعة أوليَّة، وليست طباعة نهائيَّة.