الدعاء بين صلاتي الظهر والعصر من يوم الأربعاء

السؤال
هل الدعاء بين صلاتي الظهر والعصر من يوم الأربعاء مُستجاب؟
الجواب

جاء في (المُسند) من حديث جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما- «أن النبي –صلى الله عليه وسلم– دعا في مسجد الفتح ثلاثًا: يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستُجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين -يعني: الظهر والعصر- فعُرِف البِشر في وجهه»، قال جابر: "فلم ينزل بي أمرٌ مهمٌ غليظٌ إلا توخيتُ تلك الساعة، فأدعو فيها فأعرف الإجابة" [14563].

قال الهيثمي في (مجمع الزوائد): (رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد ثقات). ورواه الإمام البخاري في (الأدب المفرد) [704] بإسنادٍ حسن، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وفي "المسند" عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا في مسجد الفتح ثلاثًا: يوم الاثنين، ويوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء بين الصلاتين، فعُرف البِشر في وجهه»، قال جابر: "فلم ينزل بي أمرٌ مهمٌ غليظٌ، إلا توخيتُ تلك الساعة فأدعو فيها، فأعرف الإجابة"، وفي إسناد هذا الحديث: كثير بن زيد وفيه كلام، يوثِّقه ابن معين تارة، ويضعِّفه أخرى. وهذا الحديث يَعمل به طائفة من أصحابنا وغيرهم، فيتحرَّون الدعاء في هذا، كما نُقل عن جابر، ولم يُنقل عن جابر -رضي الله عنه- أنه تحرَّى الدعاء في المكان، بل تحرَّى الزمان)، فجابر -رضي الله عنه- يتحرَّى في الزمان بين صلاتي الظهر والعصر من يوم الأربعاء، وفيه الحديث الذي ذُكِر في (مسند أحمد) و(الأدب المفرد) للإمام البخاري.

وذكر القرطبي هذا الوقت من أوقات الإجابة، قال –رحمه الله-: (وللدعاء أوقاتٌ وأحوال يكون الغالب فيها الإجابة، وذلك كالسَّحر، ووقت الفطر، وما بين الأذان والإقامة، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء، وأوقات الاضطرار، وحالة السفر والمرض، وعند نزول المطر، والصف في سبيل الله، كل هذا جاءت به الآثار).

على كل حال المسألة التي معنا من هذه الأوقات، ولكن يبقى النظر في الحديث الذي رواه الإمام أحمد، مع ما رواه الإمام البخاري في (الأدب المفرد)، فأقل أحواله الحُسن، ولا إشكال في ثبوته، ولكن يبقى النظر في الإجابة في يوم الأربعاء: هل الإجابة لأنها في هذا الوقت، أو لأنه –عليه الصلاة والسلام- «كان إذا دعا دعا ثلاثًا» [مسلم: 1794]، فلما كمُلت الثالثة أُجيب؟

مَن يرى أنه يُستَحب الدعاء في هذا الوقت نظر إلى صورة الواقعة أي: الصورة التي وقع فيها هذا الدعاء والإجابة، وأنه ما أُجيب يوم الاثنين ولا الثلاثاء، وأُجيب الأربعاء، واكتفى بهذا.

ولكن مَن يقول: إنه لا يُستحب الدعاء أو تخصيص هذا الوقت للدعاء، قال: إنه مجرَّد اتفاق، دعا ثلاثًا فأُجيب في الثالثة، وكان وقت الثالثة في هذا الوقت، وليس الوقت مقصودًا لذاته.

لكن فِعْل الصحابي جابر بن عبد الله –رضي الله عنهما-، وقصده هذا الوقت بعينه بين الصلاتين -الظهر والعصر- من يوم الأربعاء، وأنه لم يَنزل به أمرٌ مهمٌ إلا توخَّى تلك الساعة، فيَعرف الإجابة، ففِعل الصحابي –رضي الله عنه-، مع ما جاء في المسألة من هذا الحديث الذي أقل أحواله الحُسن، يستروح منه بعض أهل العلم إلى قصد الدعاء في هذا الوقت، ومَن قصده لا شيء فيه –إن شاء الله تعالى- مع هذا كله.

لكن يبقى أن تحرِّي المكان -وهو مسجد الفتح- لم يقل به أحدٌ ممن يُعتدُّ بقوله من أهل العلم، والله أعلم.