قلة نصيب التفسير من الدروس والدورات العلمية

السؤال
من أقل الدروس التي تُطرح نصيبًا هو التفسير، حتى في الدورات العلمية، وذلك أحدث تهاونًا عند طلاب العلم في علوم القرآن، فما السبب؟
الجواب

نعم، إذا نظرنا إلى الجداول الحافلة التي تنشرها وزارة الشؤون الإسلامية وجدنا أن في بعض البلدان أكثر من مائة درس في الأسبوع الواحد، لكن كم نسبة دروس التفسير؟ نعم تجد دروس الحديث حاضرة، ودروس الفقه موجودة، ودروس العقيدة أيضًا موجودة وبكثرة، لكن مع الأسف الشديد أن ما يُتناول به كتاب الله -جل وعلا- من هذه الدروس نصيبه قليل، وما السبب؟ السبب أننا درجنا في هذه البلاد على طريقة في تعليم التفسير جدواها ضعيفة، فتجد العالم يجلس بين الأذان والإقامة في صلاة العشاء، أو في درس مع كتب أخرى، ويُقرأ عليه في (تفسير ابن كثير) ورقة أو ورقتان أو ثلاث، في نصف ساعة أو ساعة، فكيف يُعلِّق الشيخ على ثلاث ورقات في ساعة؟ تجده إما أن يُصحِّح خطأً أو لحنًا، أو يُبيِّن كلمة غامضة، ويمشي، وهذا ليس بتفسير، وإنما قراءة، لكن لو وُجد التفسير بمعناه الصحيح، كما كان شيخ الإسلام يُفسِّر، وكما كان ابن كثير يُفسِّر، ليس معه إلا المصحف، فيقرأ الآية ويُفسِّرها، هذا التفسير، لكن هذا دونه خَرْط القَتَاد، فهو يحتاج إلى تمكُّن في جميع العلوم، فسهل أنه يُقرأ عليك في التفسير، وتصحِّح لحنًا، أو تُعلِّق على كلمة، ونحن جرَّبنا أطول تفسير، وأخصر تفسير، فجرَّبنا (القرطبي) ولنا معه الآن سبعة عشر عامًا، بحيث يَقرأ القارئ، ويُعلَّق عليه بما يفتح الله -جل وعلا-، وفيه مطالب متعدِّدة، وفنون كثيرة، ففيه مجال للكلام، أكثر من المجال في (تفسير ابن كثير)، لكنه يحتاج إلى عُمْر، وجرَّبنا أيضًا (تفسير الجلالين)، بحيث تجعله بيدك، وتُفسِّر الآية، وتكون قد راجعتَ عليها الحواشي وكتب التفسير الأخرى، مع ما عندك من رصيد في العلوم الأخرى، فهذا يستفيد منه طالب العلم، أما أن تأتي بـ(تفسير ابن كثير)، وتجعل واحدًا يقرأ ورقتين أو ثلاثًا، ثم تُعلِّق، ومجموع تعليقك ما يبلغ ربع ساعة! فما نُسمِّي هذا تفسيرًا، وهذا الذي جعل الناس يزهدون في التفسير؛ لقلة الفائدة فيه، وإلا فـ(تفسير ابن كثير) كل إنسان عنده نسخة منه، وكل إنسان من طلاب العلم يقرأ، لكن لو وُجد مفسِّر بالفعل، لاجتمع عليه الناس من الآفاق، وهذا المأمول في أهل العلم وطلابه، أن يعتنوا بكتاب الله -جل وعلا-، وأن يُولوه العناية التامة، وأن يعطوه حقَّه؛ لأنه كلام الله.

هو الكتابُ الذي مَنْ قامَ يَقرؤُهُ
 

 

كأنَّما خاطبَ الرحمنَ بالكَلِمِ
 

أنت تخاطب الله -جل وعلا-، بينما في الكتب الأخرى تُخاطب المؤلفين.