المنهجية التي يُنصح بها الطالب في قراءة كتب التفسير

السؤال
ما المنهجية التي تَنصح الطلاب باتباعها في قراءة كتب التفسير؟ وبأي الكتب يبدأ الطالب المبتدئ في الجرد؟
الجواب

 طالب العلم المبتدئ يبدأ بكتب غريب القرآن؛ ليضبط هذه الكلمات الغريبة التي تُعينه على فهم الآيات وتدبُّرها؛ لأن إحالته إلى كتاب تفسير يأخذ عليه وقتًا طويلًا، فإذا أخذ مِثل تفسير السجستاني (غريب القرآن)، فإنه يُنهيه ويضبطه في أسبوع، ثم (غريب القرآن) لابن قتيبة أيضًا يُفيده فائدة كبيرة، وإن ترقَّى إلى (المفردات في غريب القرآن)، أو قرأ في مختصرات التفسير، ومن أنفع المتون على ما فيه من مخالفات عقدية (تفسير الجلالين)، فهو يصلح متنًا يُربَّى عليه طالب علم، وتُراجع عليه الحواشي، ويُقرأ على شيخ أيضًا؛ لأنه متن متين، يحتاج إلى مَن يوضِّح لهذا الطالب ما يُشكل عليه منه، وقد جرى على مذهب التأويل في كثير من الصفات، لا أقول في جميع الصفات، لكن في كثير منها، وجرى أيضًا في بعض أبواب الاعتقاد على مذهب الأشاعرة، والجلالان -جلال الدين المحلِّي، وجلال الدين السيوطي- هما في الأصل أشعريان، ومن الطرائف أن الجلالين بينهما تباين كبير جدًّا، ما هذا التباين؟ السيوطي يحفظ أكثر من مائتي ألف حديث، ويقول: (لو وجدتُ شيئًا على ظهر الأرض حفظتُه)، ومع ذلك يقول: (لو كلَّفوني بمسألة حساب، لكان نقْل جبلٍ أخف عليَّ منها)، وهذا يدل على أن حافظته أكثر من فهمه، بينما الجلال المحلي يقولون: إن فهمه يثقب الألماس، فما يقف في وجهه شيء من حيث الفهم، والحفظ أثقل عليه من الجبل، فالسطر الواحد يشق عليه، وقالوا: إنه حاول في كُرَّاسة من كتاب (التنبيه) لأبي إسحاق الشيرازي، فجلس عليها مدة طويلة، أظنها أكثر من شهر، فنَفَرَتْ فيه حبوب، وارتفعتْ حرارته، فرماها، وذلك لمَّا عجز عن حفظها، و{ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} [المائدة: 54]، فمَن يجمع الله له الحفظ والفهم يحمد الله على هذه النعمة، ويستغلها فيما ينفعه، والله المستعان. 

وإذا أضاف طالب العلم إلى (تفسير الجلالين) (تفسير الشيخ فيصل بن مبارك) و(تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي)، استفاد فائدة كبيرة، وبين التفسيرين تفاوت، وأقرب النظائر لهما (تقريب التهذيب)، و(الكاشف) للذهبي، وذلك أن الشيخ عبد الرحمن -رحمه الله- يفهم كلام المفسرين، وكلام السلف، ثم بعد ذلك يُعبِّر عنه بأسلوبه، وهو أسلوب جميل وواضح، ويُفيد منه طالب العلم، وهو خلاصة وعصارة لتفاسير كثيرة، أما الشيخ فيصل -رحمه الله- فينتقي من أقوال السلف، فإذا كان في هذه الآية، أو في هذه الكلمة أكثر من قول، فإنه يقتصر على واحد منها، هو الراجح عنده. والحافظ ابن حجر -رحمه الله- قرأ في كتب الرجال، واستخلص الخلاصة التي حَكم بها على الراوي في (التقريب) من كلامه، ولو أردتَ أن تُطبِّقه على كلام أهل العلم فلن تجد ما يوافقه، إلا أنه خلاصة لجميع ما قيل، بينما الذهبي -رحمه الله- ينتقي في (الكاشف) من أقوال الأئمة في هذا الراوي ما يُرجِّحه ويُثبته في حقِّه. ولعله بالتنظير يتَّضح الفرق.