كتاب التيمم (01)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم، باب التيمم، قول الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6].

حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالكٌ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقدٌ لي، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه، وأقام الناس معه وليسوا على ماءٍ، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضعٌ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبستِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماءٌ، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال: ما شاء الله أن يقول وجعل يطعَنني بيده في خاصرتي".

بالضم.

"وجعل يطعُنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فخذي، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته.

حدثنا محمد بن سنانٍ هو العوقي، قال: حدثنا هشيمٌ –حاء- قال: وحدثني سعيد بن النضر، قال: أخبرنا هشيمٌ، قال: أخبرنا سيارٌ، قال: حدثنا يزيدٌ هو ابن صهيبٌ الفقير، قال: أخبرنا جابر بن عبد الله، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً»".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى-: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب التيمم" مضى نظائره في ستة مواضع، وكلها يحصل فيها هذا الخلاف، هل المُقدم البسملة أو الترجمة؟ هل يقول الإمام البخاري: بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب التيمم مثلاً أو كتاب التيمم، بسم الله الرحمن الرحيم؟ والأمر في ذلك يسير، ولا يترتب عليه كبير اختلاف، ونظَّروا تقديم البسملة على الترجمة، أو ذكروا أن هذا هو الأصل أن يُبدأ بالبسملة «كل أمرٍ ذي بال لا يُبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم».

وقالوا في العكس حينما تُقدم الترجمة على البسملة، قالوا: هذا نظير اسم السورة، اسم السورة مُقدم على البسملة، وهنا الكتاب اسم الكتاب مُقدم على البسملة، والأصل تقديم البسملة؛ لأن البداءة بذكر الله، والحديث وإن كان فيه كلام لأهل العلم «كل أمرٍ ذي بال لا يُبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر» وأصح منه وأقوى، «كل أمرٍ ذي بال لا يُبدأ فيه بحمد الله» فقد حسَّنه جمعٌ من أهل العلم، على كل حال الأمر سهل.

"التيمم" في اللغة: القصد، القصد إلى الشيء، وهنا قصدٌ إلى الصعيد الطيب، واستعماله على الوجه الذي جاءت به السُّنَّة من مسح الوجه والكفين بنية، وإن كان بعضهم يرى أن الوسائل لا تحتاج إلى نية، وإن اختلف رأي الحنفية بين التيمم والوضوء، قالوا: الوضوء لا يحتاج إلى نية، والتيمم يحتاج إلى نية، وقال بعضهم: كلاهما وسائل وليست غايات فلا تحتاج إلى نية، والجمهور على أنه مشمولٌ بحديث «إنما الأعمال بالنيات».

الحنفية قالوا: الوضوء لا يحتاج إلى نية؛ لأنه متميز بنفسه وفيه قوة؛ لأنه أصل، أما التيمم فهو فرع يحتاج إلى شيءٍ يسنده وهو النية.

والكتاب مضى تعريفه مرارًا، فلا حاجة إلى إعادته.

"قول الله تعالى"، في رواية "وقول الله تعالى" وهي الدارجة كتاب التيمم وقول الله تعالى إذا عطفنا إذا جيء بالعطف قلنا: وقول اللهِ تعالى، ورواية مَن التي فيها الواو؟

طالب:........

نعم هذا موجود في بعض الروايات "وقول الله" وهذا هو الجاري على عادته- رحمه الله-.

في سورة المائدة مَن الذي وضع اسم السورة؟ ابن حجر وضع اسم السورة؟

طالب:........

الطابع مُحب الدين الخطيب الذي طبع الكتاب، وليس من صنيع الشيخ ابن باز –رحمه الله- أبدًا، إنما الذي وضع اسم السورة هو الطابع مُحب الدِّين الخطيب، ونُلقي عليه باللائمة في كثيرٍ من المخالفات التي مرت بنا بالنسبة لطبع المتن، وأما الشرح فالشيخ مسؤول عنه؛ لأنه قابله بنفسه.

على كل حال، التيمم جاء في سورتين: في النساء والمائدة، والمقصود بنزول الآية في هذا الحديث هي آية المائدة، هذا لا إشكال فيه، ما حصل فيه خطأ، فيه كلام حول لفظ الآية {فَلَمْ تَجِدُواُ} [المائدة:6] في رواية عتيقة مُصحّحة (فإن لم تجدوا)، وسيأتي الكلام عليها في كلام الشارح {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة:6] الصعيد التيمم اقصدوا الصعيد ما تصاعد على وجه الأرض مما يختلف فيه أهل العلم، هل يختص بالتراب أو بجميع ما على وجه الأرض؟ وفي الحديث الآتي حديث الخصائص «وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»، في رواية عند مسلم «جُعلت تربتها لنا طهورًا» هذا جعل بعض أهل العلم يخص التيمم بالتراب، وهو رأي الشافعية والحنابلة، وغيرهم يقولون: على جميع ما على وجه الأرض، جميع ما تصاعد على وجه الأرض يُسمى صعيدًا، ولا يختص ذلك بالتراب.

طيب ما موقع رواية مسلم من رواية الجماعة؟

طالب:........

هذا الكلام إذا قلنا: إنه من باب العموم والخصوص ما يُخَص به؛ لأن ذكر الخاص بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص كما هنا الحكم واحد، تيمموا صعيدًا أو تيمموا بالتراب الحكم واحد، وإذا قلنا: إنه من باب الإطلاق والتقييد، ويكون من باب تقليل الأوصاف لا من تقليل الأفراد. قلنا: يُحمل المطلق على المقيد، وهذا الذي اعتمده الشافعية والحنابلة، وغيرهم يقول: لا، من باب العموم والخصوص، وحينئذٍ لا يُحمل العام على الخاص؛ لأن الحكم واحد، وسيأتي الكلام في الآية، وإن شئتم أن نُقدم شيئًا منه هنا لفتة عند الإمام الحافظ أبي عمر بن عبد البر، ومال إلى كلامه ابن حجر، قالوا: هذا الحديث من الخصائص، والخصائص لا تقبل التخصيص؛ لأن الخصائص تشريف للنبي –عليه الصلاة والسلام- ولأمته معه، والتخصيص تقليل لهذ التشريف.

قلنا فيما معنا: أنه أصلاً لا يرد التخصيص؛ لأن الخاص حكمه موافق لحكم العام، لكن ماذا عن «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» مع حديث النهي عن الصلاة في القبرة «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» نقول: هذا تخصيص؟ على كلام ابن عبد البر وابن حجر يكون هذا تخصيصًا وتقليلًا للخصائص، فلا يُخصص به، فالصلاة تشمل المقبرة عندهم، ولكن هم نظروا بنظرٍ أصله صحيح، يعني تقليل خصائص النبي –عليه الصلاة والسلام- هو في الأصل تقليل لتشريفه، لكن إذا قارنا حقه –عليه الصلاة والسلام- المعارض لحق الله –جلَّ وعلا-؛ لأن الصلاة في المقبرة يتعلق بها حق الله؛ لأنها وسيلة إلى الشِّرك، والنهي عن الصلاة فيها لا لنجاستها كما يقول الشافعية، وإنما هو لنجاسة الشِّرك المعنوية، فحينئذٍ يُخصص الحديث بالمقبرة.

والسبب في ذلك يختلف عمَّا عندنا، عندنا الحكم موافق، الحكم الخاص موافق، وهناك الحكم مُخالف، وهنا يكون التخصيص.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

هم ذكروا هذا في التخصيص، ذكروه في التخصيص، والذي يظهر أن التخصيص في موضعه مثل الصلاة في المقبرة مثلها التقييد.

{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6] {بِوُجُوهِكُمْ} [المائدة:6] الباء للإلصاق، وفائدتها أن يكون باليد الماسحة شيء من الممسوح به، يبقى على الممسوح، وإلا لو لم يكن ذلك لكان المسح بغير تراب يُمسح الرأس، يُمسح الوجه واليد باليد بدون تراب، لكن جيء بالباء التي تُفيد وجود شيء من هذا الممسوح به للإلصاق.

{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة:6] من الصعيد لا من اليد، فمن هنا تبعيض، يبقى بعض هذا التراب أو هذا الصعيد بالعضو الممسوح.

قال –رحمه الله- "بابٌ" وهذا ليس فيه ترجمة خاصة، وإنما هو مندرجٌ في الترجمة السابقة؛ لأن الباب غير المترجم كالفصل من الباب الذي قبله.

قال: "حدثنا عبد الله بن يوسف" التنيسي "قال: أخبرنا مالكٌ" الإمام، إمام دار الهجرة، نجم السُّنن المستغني عن التعريف والتعديل؛ لأنه اشتهر بذلك.

يقول:

وصححوا استغناء ذي الشهرة عن

 

تزكيةٍ كمالكٍ نجم السُّنن

وقُل مثل هذا في بقية الأئمة أهل الحديث.

قال: "أخبرنا مالكٌ عن عبد الرحمن بن القاسم" ابن محمد بن أبي بكر، عبد الرحمن بن القاسم بن محمد، القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة، ومحمد بن أبي بكر بن أبي بكر الصديق الذي جاء في ترجمته ما جاء مما يُذم به، وهو ليس من الصحابة، ولا من التابعين لهم بإحسان كما قال أهل العلم؛ لموقفه من عثمان- رضي الله عنه وأرضاه-.

صنع به المصريون، ماذا فعلوا به؟ ماذا فعلوا بمحمد بن أبي بكر المصريين؟

طالب:........

ما تدري جارك وهو مصري، تعرفها؟

الشيخ.

طالب:........

هو شارك، لكن المصريين ماذا صنعوا به؟

طالب:........

في جوف حمار، أدخلوه في خوف حمار وأحرقوه.

ما تعرف؟ ما شاركت؟

"عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه" القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة.

تعدهم؟

طالب:........

عروة قاسمٌ، سعيدٌ أبو بكرٍ، سليمان خارجة

هم سبعة على خلافٍ في السابع.

طالب:........

الخلاف في السابع، السابع ما هو على الترتيب المذكور في البيت سابعهم.

"عن أبيه، عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره" مما يدل على أن من حق الرجل أن يسافر بزوجته إذا كان الطريق آمنًا، ولم تشترط عليه عدم السفر في العقد، إذا اشترطت عليه لزمه ذلك، فإذا كان الطريق آمنًا فلا مانع من أن تُسافر معه، والنبي –عليه الصلاة والسلام- يسافر بزوجاته يُقرع بينهن بقرعة.

"في بعض أسفاره" أي سفرةٍ هذه؟

طالب:........

نعم غزوة المريسيع تُسمى بني المصطلق. 

"حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش" البيداء التي عند ذي الحليفة التي اختُلف هل أَهلَّ النبي– صلى الله عليه وسلم- منها أو أَهلَّ من المسجد، أو لما ركب دابته؟ الخلاف في ذلك، وأيضًا البيداء هذه سيأتي الاختلاف في المراد بها عند الشارح- رحمه الله-.

"أو بذات الجيش انقطع عقدٌ لي" العقد ما يُعلَّق في الرقبة، وقد يُقال له: قلادة، يقول: يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.

"عقدٌ لي، فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه" يلتمس هذا العقد، العقد ذهب؟ لا، من فضة؟ لا، ليس من ذهبٍ ولا من فضة، يقولون: من جزع ظفار، من نوع من الأحجار.

المقصود أنه ليس بثمين، ففي مثل هذا الحرص على المال، والنهي عن إضاعة المال، ولو قَل.

ويَرد هنا إذا تعارض الوقت مع المال، ويتردد بعضهم إذا مسك طريقًا في بلد مثل الرياض يمشي خمسين كيلو، إما مع طريقٍ قريب وفيه عشرون إشارة مثلاً يحتاج إلى كم من الوقت؟ أو مع الدائري الذي يدور البلد مائة كيلو في أقصر وقت، ما الذي يُقدم؟

طالب:........

ولو أُهدِر المال، الفرق في المال في العشرين كيلو يمكن يأخذ ربع تنك بنزين، ومع الدائري يأخذ أضعافًا.

طالب:........

وفيه رسوم أحيانًا.

أنا أقول: هذا عقد، وأقام النبي –عليه الصلاة والسلام- من أجله محافظةً على المال، فالمال تجب المحافظة عليه، نهى عن إضاعة المال، لكن...

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

خاطر عائشة مع فئام من الناس مئات من...

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

لا، هي مسألة مقابلة مال بوقت، فهم يستنبطون من هذا هو ظاهر المحافظة على المال ولو قَل؛ لأنه جاء في بعض الروايات أن قيمة هذا العقد اثنا عشر درهمًا، يعني ربع دينار.

طالب:........

اثنا عشر درهمًا.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

نعم بقيمة الدينار، بقيمة دينار، هي ثلاثة دراهم ربع دينار نِصاب السرقة.   

"فأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على التماسه" وطلبه والبحث عنه.  

"وأقام الناس معه" لأنهم تبعٌ له –عليه الصلاة والسلام-، وهو إمامهم وقدوتهم.

"وليسوا على ماءٍ" وليس معهم ماء، قالوا: يجوز سلوك الطريق الذي ليس فيه ماء، ونزول المنزل الذي ليس فيه ماء، واحتمال أن يكون معهم ماء، أو يرجون ماءً قريبًا أو يأملون في نزول مطر أو حفر مكانٍ قريب ينبع منه الماء، على كل حال ما لم يصل إلى حد التهلكة، ما لم يغلب على الظن التهلكة في سلوك الطريق الذي ليس فيه ماء أو النزول في المكان الذي ليس فيه ماء، وهم قريبون من المدينة، الآن قريبون من المدينة، لكن ما فيه تهلكة. 

"فجاء أبو بكر ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واضعٌ رأسه".

طالب:........

نعم.

"وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟" يشكونها على أبيها وإن كانت كبيرة ومتزوجة، وزوجها حاضر، لكن توفيرًا لوقته –عليه الصلاة والسلام- وعدم تشويش خاطره شكوها على أبيها، والنبي –عليه الصلاة والسلام- كان نائمًا ولم يُريدوا إزعاجه، فتقدموا إلى الصِّديق أفضل الأمة بعد نبيها.

"فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله- صلى الله عليه وسلم- والناس وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماء" كما تقدم.

"فجاء أبو بكرٍ –رضي الله تعالى عنه وأرضاه- ورسول الله- صلى الله عليه وسلم-" الواو هذه واو الحال، يعني والحال أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- "واضعٌ رأسه على فخذي عائشة قد نام، فقال: حبستِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والناس، وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال: ما شاء الله أن يقول" يعني بالكلام

"وجعل يطعُنني بيده في خاصرتي" "وجعل يطعُنني" بالضم في الحسيات، وبالنصب في المعنويات؛ ولذلك الطعن في الرواة يطعَن، وفي الرُّمح يطعُن.      

"يطعُنني بيده في خاصرتي" الخاصرة هي الشاكلة الجانب هذا، الخاصرة الشاكلة وكلٌّ يعمل على شاكلته، ما معنى الشاكلة؟ 

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

في صحيح البخاري نيته، على شاكلته يعني: على نيته.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

ما قالت: أبي؛ لأن موقف أبي بكر وهو عتاب وطعن يعني ما يليق بالأبوة التي يُخاطب بها، هكذا قالوا يعني بغض النظر عن... بشر هم بشر، وفي قصة الإفك قالت أشد من ذلك.

طالب:........

نعم، لكن ما المناسبة؟

طالب:........

نعم.

طالب:........

ما سمعت.

طالب:........

لا لا، ليس موضع تفخيم هذا تقول: أبو بكر، فتقول: أبي؟ السبب في ذلك ما ذُكر، وأشار إليه الشُّراح، قالوا: عاتبها وطعنها بيده، ومع ذلك تُريدها أن تتلطف، الطبع البشري، هم بشر ما هم ملائكة.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

لكن الكنية أولى من الاسم، والتلطف بأبي وأبتي ألطف، وإذا عُرف من الأب أنه لا يكره ذلك ولا يتأثر منه ساغ الأمر.

طالب:........

"قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال: ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعُنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك" لأن الإنسان إذا طُعن في خاصرته تلقائيًّا يتحرك، وقد يصدر منه صوت، وعلى هذا لو طُعن المصلي فصدر منه صوت، جاء لواحد يُصلي طعنه في خاصرته، فبان منه حرفان فأكثر، قال: أح ما حكم صلاته؟

طالب:........

ما الحكم؟

طالب:........

غير مقصود.

"فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فخذي، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أصبح على غير ماء" يعني نام إلى أن أصبح أو يكون أصبح على غير ماء، استمر عدم الماء إلى الصباح؟ في بعض الروايات "فنام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح"، لكن هذه الرواية الصحيحة في الصحيحين وغيره.

"فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6]" هل {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] خبر عمَّا صنع أنهم فعلوه، أو أنه ذكر جزءٍ من الآية؟

طالب:........

تيمموا، ما توضئوا، تيمموا.

طالب:........

أو "فأنزل الله آية التيمم" التي منها "{فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6]".

طالب:........

نعم، لكن أكثر الشُّراح على أن {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] حكاية للآية.

"فقال أسيد بن الحضير" أحد النُّقباء من الأنصار، وهو الذي بعثه النبي –عليه الصلاة والسلام- للبحث عن العقد.

"ما هي بأول بركتكم" بركات أبي بكر وآل أبي بكر على الأمة كثيرةٌ جدًّا، وليست هذه بأولها؛ لأنها من أعظم البركات أن يُخفف عن الناس من الوضوء إلى التيمم عند عدم الماء.

"ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته" صار الأمر سهلًا، ولكن الحكمة عظيمة، من أجل أن يُشرع هذا الحكم الذي فيه تخفيف على الأمة، وفيه تفريجٌ لها.

نعم.

قال الحافظ –رحمه الله-: قوله: "كتاب التيمم" البسملة قبله لكريمة، وبعده لأبي ذر، وقد تقدم توجيه ذلك".

طالب:........

ماذا؟

 طالب: قال في سين: باب، والمثبت من الأصلين.

ماذا عندك؟ الروايات هنا الروايات اليونينية والسلطانية الأصلية باب، وليس بكتاب.

طالب:........

الأصيلي وأبي ذر كلهم "كتاب"، والبقية تراهم أكثر، "باب".

طالب:........  

هم أكثرية، نعم.

"قوله: "كتاب التيمم" البسملة قبله لكريمة، وبعده لأبي ذر".

مؤكد كتاب، أنت عندك كتاب؟

طالب: نعم.

ابن حجر اعتمد رواية أبي ذر.

طالب: هذا موجود عندي.

ابن حجر اعتمد رواية أبي ذر.

"قوله: "باب التيمم" البسملة قبله لكريمة، وبعده لأبي ذر، وقد تقدم توجيه ذلك.

"والتيمم" في اللغة: القصد، قال امرؤ القيس‏:‏

تيممتها من أذرعات وأهلها           بيثرب أدنى دارها نظر عالي

أي: قصدتها‏.‏

وفي الشرع القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها‏.‏

وقال ابن السكيت‏:‏ قوله‏:‏ {فَتَيَمَّمُوا} [المائدة:6] أي: اقصدوا الصعيد".

عندنا {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [المائدة:6] أي: اقصدوا الصعيد.

ما عندك {صَعِيدًا} [المائدة:6]؟

طالب: بلى.

نعم، ما قلتها.

"وقال ابن السكيت‏:‏ قوله‏:‏ {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا} [المائدة:6] أي: اقصدوا الصعيد، ثم كثر استعمالهم حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب، انتهى".

فلا يُطلق على غيره، لا يُطلق على غير هذا، فصار حقيقة شرعية.

"فعلى هذا هو مجازٌ لغويٌّ، وعلى الأول هو حقيقةٌ شرعية‏.‏

واختُلف في التيمم هل هو عزيمةٌ أو رخصة‏؟‏ وفصَّل بعضهم فقال‏:‏ هو لعدم الماء عزيمة، وللعذر رخصة.‏

قوله‏:‏ ‏"‏قول الله‏"‏ في رواية الأصيلي: ‏"‏وقول الله‏"‏ بزيادة واوٍ، والجملة استئنافية‏.‏

قوله‏:‏ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [المائدة:6] كذا للأكثر، وللنسفي، وعبدوس، والمستملي، والحموي (‏فإن لم تجدوا‏) قال أبو ذر‏:‏ كذا في روايتنا، والتلاوة {فَلَمْ تَجِدُوا} [المائدة:6]".

يعني هل يوجد قراءة موافقة لرواية هؤلاء؟ هل توجد رواية بهذا اللفظ (‏فإن لم تجدوا‏)؟ هنا يقول: "والتلاوة {فَلَمْ تَجِدُوا} [المائدة:6]" في قوله –جلَّ وعلا-: {يَرْفَعِ اللَّهُ} [المجادلة:11] في البخاري (يرفعُ) روايات (يرفعُ)، ولا يوجد قراءة بالرفع، فهل نقول: إن البخاري اطلع على هذه القراءة واعتمدها؛ لأنه ما هو الكلام في نُسخٍ عادية، في نُسخ عتيقة موثقة وصحيحة إلى البخاري، أو نقول: هذا خطأ من البخاري إذا لم نجد أحدًا قرأ بهذا الحرف، هو ليس بالمعصوم؟ أو يكون أحيانًا العالم يُعبِّر عن الآية ما يذكر الآية بلفظها مع أن الرواية بالمعنى ممنوعة في القرآن، لكن إذا أراد أن يُشير إلى مُجمل الشيء، إلى الشيء إجمالاً لا تفصيلاً ذكره بما يدل عليه.

"قال صاحب المشارق‏:‏ هذا هو الصواب‏".

من هو صاحب المشارق؟ القاضي عياض.‏

"قلت‏:‏ ظهر لي أن البخاري أراد أن يُبين أن المراد بالآية المبهمة في قول عائشة في حديث الباب: ‏"‏فأنزل الله آية التيمم" أنها آية المائدة، وقد وقع التصريح بذلك في رواية حماد بن سلمة عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة في قصتها المذكورة قال ‏"فأنزل الله آية التيمم‏:‏ (فإن لم تجدوا ماء فتيمموا) الحديث".

انحل الإشكال أم ما انحل؟

طالب:........

يقول ابن حجر: "ظهر لي أن البخاري أراد أن يُبين أن المراد بالآية المبهمة في قول عائشة في حديث الباب: ‏"‏فأنزل الله آية التيمم" أنها آية المائدة، وقد وقع التصريح بذلك في رواية حماد بن سلمة عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة في قصتها المذكورة قال: ‏"فأنزل الله آية التيمم‏:‏ (فإن لم تجدوا ماء فتيمموا)" انحل الإشكال؟

طالب:........

هو لو وُجِد قراءة لانحل كل شيء.

طالب: يا شيخ فيه تعليق.

ماذا يقول؟

طالب على ذكر الحديث قال: رواية حماد بن سلمة هذه أخرجها ابن عبد البر في (التمهيد)، لكن وقع في المطبوع منه ذكر الآية على وفق التلاوة الصحيحة.

يُصحّحون، يُصحّحون.

طالب: لكن يقول: ويغلب على ظننا أنه تصرفٌ من المُحقق.

نعم، يتصرفون.

"فكأن البخاري أشار إلى هذه الرواية المخصوصة، واحتمل أن تكون قراءةٌ شاذةٌ لحماد بن سلمة".

قراءةً.

"واحتُمل أن تكون قراءةً شاذة لحماد بن سلمة أو غيره أو وهمًا منه، والله أعلم".

عندك: والله أعلم؟

طالب: نعم.

ما فيه شيء.

"وقد ظهر أنها عنت آية المائدة، وأن آية النساء قد ترجم لها المصنف في التفسير، وأورد حديث عائشة أيضًا، ولم يُرد خصوص نزولها في قصتها، بل اللفظ الذي على شرطه محتملٌ للأمرين، والعمدة على رواية حماد بن سلمة في ذلك فإنها عينت، ففيها زيادةٌ على غيرها‏، والله أعلم‏".

عينت المراد، وأنها آية المائدة. ‏

"قوله‏:‏ {وَأَيْدِيكُم} [المائدة:6] إلى هنا في رواية أبي ذر، وفي رواية الشبوي وكريمة".

زاد في رواية الشبوي.

"قوله‏:‏ {وَأَيْدِيكُم} [المائدة:6] إلى هنا في رواية أبي ذر، زاد في رواية الشبوي وكريمة {مِنْهُ} [المائدة:6]، وهي تعين آية المائدة دون آية النساء، وإلى ذلك نحا البخاري، فأخرج حديث الباب في تفسير سورة المائدة، وأيد ذلك برواية عمرو بن الحارث عن عبد الرحمن بن القاسم في هذا الحديث ولفظه‏:‏ فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة:6] إلى قوله‏:‏ {تَشْكُرُونَ} [المائدة:6]".

تعين المراد.

"قوله‏:‏ "‏عن عبد الرحمن بن القاسم"‏ أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق، ورجاله سوى شيخ البخاري مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏"‏في بعض أسفاره‏" قال ابن عبد البر في (التمهيد)‏:‏ يُقال: إنه كان في غزاة بني المصطلق، وجزم بذلك في ‏(الاستذكار)، وسبقه إلى ذلك ابن سعدٍ وابن حبان‏.‏

وغزاة بني المصطلق هي غزوة المريسيع، وفيها وقعت قصة الإفك لعائشة، وكان ابتداء ذلك بسبب وقوع عقدها أيضًا، فإن كان ما جزموا به ثابتًا حُمل على أنه سقط منها في تلك السفرة مرتين؛ لاختلاف القصتين كما هو مبين في سياقهما، واستبعد بعض شيوخنا ذلك قال‏:‏ لأن المريسيع من ناحية مكة بين قديد والساحل، وهذه القصة كانت من ناحية خيبر؛ لقولها في الحديث ‏"حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش"، وهما بين المدينة وخيبر كما جزم به النووي‏.‏

قلت‏:‏ وما جزم به مخالفٌ لما جزم به ابن التين فإنه قال‏:‏ البيداء هي ذو الحليفة بالقرب من المدينة من طريق مكة، قال‏:‏ وذات الجيش وراء ذي الحليفة‏.‏

وقال أبو عبيدٍ البكري في معجمه‏:‏ البيداء".

ما اسم معجمه؟

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

لا لا، معجم البلدان لياقوت.

طالب:........

صحيح، معجم ما استعجم.

"البيداء أدنى إلى مكة من ذي الحليفة،‏ ثم ساق حديث عائشة هذا‏.‏

ثم ساق حديث ابن عمر قال: بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها، ما أَهل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من عند المسجد. الحديث‏.‏

قال‏:‏ والبيداء هو الشرف الذي قُدام ذي الحليفة في طريق مكة‏.‏

وقال أيضا‏:‏ ذات الجيش من المدينة على بريد، قال‏:‏ وبينها وبين العقيق سبعة أميال.

قلت: والعقيق من طريق مكة لا من طريق خيبر، فاستقام ما قال ابن التين‏.‏

ويؤيده ما رواه الحميدي في مسنده، عن سفيان قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه في هذا الحديث فقال فيه: إن القلادة سقطت ليلة الأبواء. انتهى، والأبواء بين مكة والمدينة".

الأبواء مات فيها، مَن الذي مات بالأبواء؟ أم الرسول –عليه الصلاة والسلام-.‏

"وفي رواية علي بن مسهرٍ في هذا الحديث عن هشام قال‏.‏

‏وكان ذلك المكان يقال له: الصُّلصُل، رواه جعفر الفريابي في كتاب (الطهارة) له، وابن عبد البر من طريقه، والصُّلصُل بمهملتين مضمومتين ولامين الأولى ساكنة بين الصادين، قال البكري‏:‏ هو جبلٌ عند ذي الحليفة، كذا ذكره في حرف الصاد المهملة، ووهِم مُغلطاي في فهم كلامه".

البكري هو صاحب المعجم السابق، نعم.

"ووهِم مُغلطاي في فهم كلامه، فزعم أنه ضبطه بالضاد المعجمة، وقلَّده في ذلك بعض الشراح وتصرف فيه فزاده وهمًا على وهم".

يضبطه بضبطٍ مخالف لما في الأصل، ويُخطئ في ذلك، ثم يُفسِّره على الوهم، يعني الصُّلصُل جعله بالضاد، ثم فسَّره بالضاد.

طالب:........

لا، خطأ، فسَّره على أنه مكان.

"قلت: وعُرِف من تضافر هذه الروايات تصويب ما قاله ابن التين، واعتمد بعضهم في تعدد السفر على روايةٍ للطبراني صريحة في ذلك كما سيأتي، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏"عقدٌ"‏ بكسر المهملة: كل ما يُعقد ويُعلَّق في العنق، ويُسمى قلادة كما سيأتي، وفي التفسير من رواية عمرو بن الحارث ‏"سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة، فأناخ النبي -صلى الله عليه وسلم- ونزل‏"‏، وهذا مشعرٌ بأن ذلك كان عند قربهم من المدينة، والله أعلم".

يجوز إثبات النون وحذفها، فإذا أُثبتت النون قُطع عن الإضافة، وصارت المدينة منصوبة، وإذا حذفت النون داخلو المدينةِ مضاف ومضاف إليه، وله نظائر.

ومتى تسوغ الإضافة، ومتي يسوغ القطع عن الإضافة؟

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

ما فيه صلة، ما هو بهذا.

طالب:........

في أما بعد، لا، ليست لما، نقرِّب المثال: {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} [الطلاق:3] وفي آية النازعات في آخرها.

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

النازعات.

طالب:........

لا، قبل.

طالب:........

قبلها.

طالب:........

{فَأَمَّا مَنْ طَغَى} [النازعات:37].

طالب:........

{إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا} [النازعات:45] متى تسوغ الإضافة، ومتى يسوغ القطع؟ قالوا: إذا كان التركيب بمعنى المُضي، في وقتٍ مضى فالإضافة، وإذا كان في أمرٍ مستقبل فالقطع، ويفرقون بين قول القائل: أنا قاتلُ زيدٍ، وبين قوله: أنا قاتلٌ زيدًا، ما الفرق بينهما؟

طالب: الأول إخبار، الثاني نية في المستقبل.

قاتلُ زيدٍ يعترف على نفسه بأنه قاتل زيد، وإلا فأنا قاتلٌ زيدًا يهدد ما بعد قتل.

طالب:........

ماذا فيها؟

طالب: قُرئت بالتنوين.

معروف أنها قُرئت بالوجهين، حتى آية النازعات قُرئت بالوجهين، نعم.

"قوله‏:‏ ‏"على التماسه‏" أي لأجل طلبه، وسيأتي أن المبعوث في طلبه أُسيد بن حضيرٍ وغيره‏.‏

قوله‏:‏ "‏وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ" كذا للأكثر في الموضعين، وسقطت الجملة الثانية في الموضع الأول من رواية أبي ذر، واستُدل بذلك على جواز الإقامة في المكان الذي لا ماء فيه، وكذا سلوك الطريق التي لا ماء فيها، وفيه نظر؛ لأن المدينة كانت قريبةٌ منهم".

قريبةً.

"لأن المدينة كانت قريبةً منهم، وهم على قصد دخولها، ويحتمل أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعلم بعدم الماء مع الركب، وإن كان قد علم بأن المكان لا ماء فيه، ويحتمل أن يكون قوله: ‏"ليس معهم ماء‏"‏ أي للوضوء، وأما ما يحتاجون إليه للشرب فيحتمل أن يكون معهم، والأول محتملٌ؛ لجواز إرسال المطر أو نبع الماء من بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم- كما وقع في مواطن أخرى‏.‏

وفيه اعتناء الإمام بحفظ حقوق المسلمين وإن قَلت، فقد نقل ابن بطال أنه رُوى أن ثمن العقد المذكور كان اثني عشر درهمًا، ويلتحق بتحصيل الضائع الإقامة للحوق المنقطع، ودفن الميت ونحو ذلك من مصالح الرعية، وفيه إشارةٌ إلى ترك إضاعة المال‏".

دفن الميت يعني إذا مات مع الركب واحد فهم يجلسون يُجهزونه ويُصلون عليه ويدفنونه؛ حفظًا أو حفاظًا على كرامة الميت مع حقوق الأحياء.

في رحلة ابن بطوطة لما خرجوا من طنجة وساروا عشرة أيام مات القاضي، فرجعوا إلى طنجة عشرة أيام ودفنوه ثم رجعوا، ثم عادوا إلى المكان الذي مات فيه، وقد مضى عليهم شهر.

اليوم الذي تتأخر الرحلة ضاقت الأرض بما رحبت لو تأخرت الرحلة ربع ساعة أو نصف ساعة أو ساعة تفجَّر الناس، وتصرفات الناس في سياراتهم وعند الإشارات، وفي السلالم سلالم الطائرات يكاد أن يدفع بعضهم بعضًا، كله من أجل التأخير هذه المدة اليسيرة، وقد كانوا في السابق يمضون الأوقات الطويلة في الطرق، لكن مع ذلك المسألة تسديد المقاربة، لا يُضيع الإنسان عمره فيما لا ينفع، ولا يُتلف صحته فيما يضر، وأُلِّف من قِبل شخصٍ من غير المسلمين في بلاد الكفار الحوادث التي مات فيها بعض الناس عند الإشارات كل هذا من ماذا؟ من الحُمق، هذا حمق.

 والله المستعان.

"