التداوي مباح، فيباح التداوي كما أنه يباح تركه، والخلاف بين أهل العلم في حكمه هل يستحب أو هو خلاف الأولى والمستحب تركه، مسألة خلافية بين أهل العلم، لكنه على كل حال لا ينافي التوكل، فقد جاء الحديث بالأمر به «تداووا، ولا تداووا بحرام» [أبو داود: 3874]، فهو مأمور به، ومن أهل العلم من يحمل هذا الأمر على أنه إباحة، وأما كونه ينافي التوكل فلا، فبالإمكان أن يتداوى ويتناول الأسباب ويتعاطاها من غير نظر إليها باعتبارها مؤثرة استقلالًا، وإنما يعتقد أن الشفاء بيد الله، وأنه الشافي -جل وعلا-، وهي مجرد أسباب.
والذي يقوم بالفحوصات الدورية ويبالغ فيها ويكشف في كل مدة معينة إما شهر أو شهرين أو ثلاثة فالمبالغة في مثل هذا لا شك أنها نوع من الوسوسة، وقد تُظهر النتائج له أشياء، وقد يُخطئ المحلل في التقرير فيكون ضررها أكثر من نفعها، لكن لا مانع أن يكون هناك فحوصات عند حاجته إليها إذا رأى في صحته اعتلالًا أو تغيرًا، فيفحص ولا مانع من ذلك؛ ليبادر إن كان فيه بدايات لمرض من الأمراض، حيث يكون علاجه في أول الأمر أسهل من علاجه بعد أن يستعصي.
فإذا وُجد ما يدل على الحاجة إلى الكشف من اعتلالٍ في الصحة وتغيرٍ فلا مانع من فعل هذه الفحوصات، ولا نَحْجُر على أحد؛ لأن هذه أمور مباحة، لكن كثرة الفحوصات والتعلق بها مما يؤدي إلى نسيان الخالق عند كثير من الناس -لا أقول: عند جميع الناس-، فالمبالغة في هذه الأمور قد يكون مردودها عكسيًّا.