تقديرُ قيمة إصلاح السيارات بعد الانتهاء من إصلاحها

السؤال
أذهب إلى ورش إصلاح السيارات، وكثير منهم يقول: (تقديرُ قيمة الإصلاح يكون بعد الانتهاء من العمل)، فهل في هذا مخالفة للشرع؟ وما الحكم إذا رضي الطرفان بهذا الكلام؟
الجواب

قد تكون الدعوى من صاحب الورشة صحيحة؛ لأنه لا يستطيع أن يُقدِّر أتعابه قبل أن يفرغ منها، وفي الغالب يستطيع أن يُقدِّر، ويعرف الخلل، ويعرف ماذا يتطلبه هذا الخلل، لكن أحيانًا قد يَتوقع شيئًا مفاجئًا لم يطِّلع على حقيقته، وبعضُ العيوب قد تخفى على العامل نفسه -صاحب الورشة-، فيَترك التقدير إلى ما بعد الفراغ من العمل، مع أنه لو اتُفق على الأجرة قبل الدخول في العمل، أو قال له: (دعني أفحص السيارة وأخبرك بالأجرة) قبل الدخول في العمل كان أولى؛ لحسم النزاع، لكن لو قُدِّر أنه ما عرف كم التقدير، وصاحبُ السيارة من النوع الذي لا يُشاح ولا يُشاد في ذلك، وقال له: (لا مانع، أصلح السيارة، والقيمة التي تطلبها في الإصلاح والقطع أعطيك إياها) فقد يُتسامح في مثل هذا، وحينئذٍ يَدفع له أجرة المثل، فإن تراضيا فلا بأس، وإن قال صاحب السيارة: (الأجرة فاحشة وكثيرة)، ولم يصطلحا على شيء فهناك أهل خبرةٍ يُرجع إليهم في ذلك ويُحل النزاع، وإلا فالأصل أن تكون الأجرة معلومة قبل الدخول في العمل، هذا الأصل، لكن إذا وُجد مثل هذا وقال: (إني لا أستطيع أن أُحدد، خذ سيارتك وابحث عن غيري) فقال له صاحب السيارة: (أنت رجل مؤتمن ورجل -إن شاء الله- علامات الخير فيك، فأصلحها)، ثم بعد ذلك إذا أصلحها وأراد أن يستغله فيما بعد فيرجعون إلى أهل الخبرة والمعرفة فيُعطيه أجرةَ المثل.

ومع الأسف أن بعض أصحاب الورش عندهم نوع استغلال، فمثلًا إذا جاء صاحب السيارة بها على سيارة تحملها وهي لا تمشي هوَّل له الأمر، وقال: (إن الأمر عظيم، واذهب وائتني بعد يومين أو ثلاثة)، وقد يكون إصلاحها في لحظةٍ، في سلكٍ منفصلٍ يشبكه! وإذا جاء صاحبها بعد ثلاثة أيام قال له: أعطني خمسمائة ريال، أو ستمائة ريال! لأنه لو ربط السلك وهو حاضر ما استحق ولا عشرة ريالات، فبعضُ الناس يفعل ذلك -نسأل الله العافية-، يستغل غفلة أخيه المسلم، فمثل هذا لا يجوز، بأي حق يأخذ مال أخيه؟ والله المستعان.