إمساك المار بين يدي المصلي شماغه متدليًّا؛ ليكون سترة بينهما

السؤال
عند إرادة المرور أمام المصلي وقت الزحام أُمسك شماغي بيدي متدليًّا إلى الأرض أمام المصلي؛ ليكون سترةً له، ثم أمر أمامه من خلف الشماغ، وكذلك إذا كان بيدي عصا أو عكاز أركزها وأنا ممسكٌ بها إلى أن أجتاز فقط، فهل يكون لذلك حُكم السُّترة، أم لا بُد أن تكون السُّترة ثابتة؟
الجواب

الآن السُّترة هل هي للمصلي أو للمار؟ السُّترة للمصلي، فلا بُد أن تكون أمام المصلي، أما المار فعليه ألَّا يَمُر؛ ولذا جاء في الحديث «لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يَمُر بين يديه»، والحديث في الصحيحين [البخاري: 510/ ومسلم: 507]، فالمار ممنوع من المرور بين يدي المصلي، والمصلي مطالبٌ بأن يستتر، «استتر ولو بسهم» [مسند أحمد: 15340 / وصحيح ابن خزيمة: 810]، وإذا استتر فللمار أن يَمُر كما في الحديث «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره، فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب» [البخاري: 509 / ومسلم: 510]، يعني: إذا مرَّ بينه وبين سُترته، أما من وراء السُّترة فلا يضر، والنبي –عليه الصلاة والسلام- كانت تُركز له العَنَزَة فيُصلي إليها [البخاري: 499].

وعلى كل حال وضع الشماغ الذي ذكره السائل لا يكفي سُترة، فالحديث في (البخاري) عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه «كان يُعرِّض راحلته، فيصلي إليها»، قلتُ: أفرأيتَ إذا هبَّت الركاب -يعني: ذهبتْ وتركتْه-؟ قال: «كان يأخذ هذا الرَّحل فيُعدِّله، فيصلي إلى آخرته -أو قال مؤخَّره-»، وكان ابن عمر -رضي الله عنه- يفعله [البخاري: 507]، وفي حديث أبي جُهيم، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يَمُر بين يديه»، قال أبو النضر: لا أدري أقال: أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنةً.

وفي (كشاف القناع) للبهوتي قال: (وفي "المستوعِب": إن احتاج المار إلى المرور ألقى شيئًا بين يدي المصلي) يعني: شيئًا مستقلًّا يستقر على الأرض، ويُمكن أن يُمَر دونه، أما شيء متعلِّق بالمار فقد يُقال: إن جهة ثوبه تكفي! فجهة الثوب التي من جهة المصلي مثل طرف الشماغ ولا فرق، لكن إذا ألقى شيئًا مستقرًّا وله جرم يرتفع عن الأرض، فهذا لا بأس به كما قال في (المستوعِب): (إن احتاج المار إلى المرور ألقى شيئًا بين يدي المصلي يكون سُترةً له، ثم مرَّ من ورائه)، انتهى كلام السامري في (المستوعِب).

وعلى كل حال المرور بين يدي المصلي أمره ليس بالسهل «لكان أن يقف أربعين»، قال الراوي: "لا أدري أقال: أربعين يومًا، أو شهرًا، أو سنةً"، المقصود أن الأمر ليس بالسهل؛ لأنه يشوِّش على المصلي، وإذا كان المار من الأنواع الثلاثة التي ذكرها النبي –عليه الصلاة والسلام- فإنها تبطل الصلاة، لكن إذا كان المصلي مأمومًا فسترة الإمام سترةٌ لمن خلفه، أو الإمام سترةٌ لمن خلفه، والله المستعان.