اختيار العامي شيخًا معروفًا بعلمه واعتماد أقواله، والاقتصار عليه

السؤال
المسلم الذي لا يعرف كثيرًا من أحكام الدِّين، هل يجوز أن يختار شيخًا معروفًا بعلمه، ويقرأ في فتاواه، ويعتمد عليها في حياته؟ وهل يقتصر على هذا الشيخ فقط؟
الجواب

لا شك أن الذي لا يعرف كثيرًا من أحكام الدين -على ما جاء في السؤال- أنه إن كان عاميًّا ففرضه التقليد، وحينئذٍ يقلِّد أوثق أهل بلده، أو أوثق أهل العلم فيمن يعرف من العلماء، دينًا وعلمًا وورعًا، ممن تبرأ الذمة بتقليده، فيقلده، ويعتني بعلمه، ويقرأ فتاويه ويعتمد عليها في حياته، لكن لا يزعم أنه معصوم لا يُخطئ، بل يعتقد أنه يُصيب ويُخطئ كغيره من أهل العلم، لكن هذا أوثقهم عنده، فاستروح إلى فتاويه واعتمدها، لا سيما مَن اشتهر بين المسلمين واستفاض علمه وفضله وعدم شذوذه، وأنه معتنٍ بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-.

وأعني بالشذوذ هنا أن يُفتي بفتاوى لا أصل لها ولا دليل عليها من الكتاب والسنة، ويُكثر من ذلك، ويُكثر الشذوذ عن أهل العلم، ويبعد كثيرًا عنهم، ويُعرَف بهذه المسائل التي يَشذ بها، أما إذا استقام أمره، وصار أمره على الجادة، واستفاض فضله، فالعمل بالاستفاضة معروف عند أهل العلم، لكن لا يزعم مع ذلك أنه معصوم وأنه أصوب من غيره في جميع المسائل، لكن هذا جهد هذا العامي.

وإن انتقل مِن غير قصدٍ لتتبُّع الرخص إلى غيره من أهل العلم الموثوقين في بعض المسائل؛ لأنه يرى أو سمع ممن يثق به أن هذه الفتوى عند فلان أرجح أو شيء من هذا فلا مانع، لكن لا يُكَلَّف العامي أن يبحث في كل مسألة أيهم أرجح، وإلا ما صار عامِّيًّا! فإذا كان يعرف أن يوازن بين أقوال أهل العلم ويرجِّح بينهم ما صار عامِّيًّا، لكن إذا كان لا يستطيع الموازنة واعتمد على عالم استفاض في أهل بلده أنه أعلمهم وأتبعهم للسنة لا مانع من ذلك، على أن يستحضر أنه ليس بمعصوم، وأن فتاواه قد يكون فيها وقد يكون؛ لأن العصمة لم تكن إلا للرسل –عليهم الصلاة والسلام-.