معنى قول الله تعالى: {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} الآية.

السؤال
ما معنى قول الله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى}؟
الجواب

أيام التشريق ثلاثة أيام بعد يوم العيد، وهي أيام منى، ولكن من أراد البقاء في منى ثلاثة الأيام وهو فِعْلُه -عليه الصلاة والسلام- فلا شك أن هذا أفضل؛ اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، ومن تعجَّل فنَفَر في اليوم الثاني عشر قبل غروب الشمس فلا إثم عليه، ومعنى {مَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ} [البقرة: 203] يعني جلس الحادي عشر والثاني عشر، ثم نَفَر، ولم يبت ليلة الثالث عشر، ولم يبقَ اليوم الثالث عشر حتى يرمي، فهذا تعجَّل في يومين، {فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} معنى ذلك أنه يرتفع عنه الإثم، كما أنه لو تأخَّر وجلس اليوم الثالث عشر وهو أفضل؛ لفعله -صلى الله عليه وسلم- فلا إثم عليه كذلك، بمعنى أنه يرتفع عنه الإثم، شريطة أن يتقي الله -جل وعلا- في حجه، {فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} يعني يرتفع عنه الإثم، سواء تعجَّل أو تأخَّر، والقيْد {لِمَنِ اتَّقَى} يعود إلى الجملتين؛ لأنه متعقِّب لهما، ولا يُتصوَّر رجوع القيد لمن تأخَّر دون مَن تقدَّم، فلا يُتصوَّر رجوع القيد إلى الآخِر؛ لأنه أفضل، كيف نُقيِّد الأفضل بالتقوى ونُطلق الذي هو دونه في الفضل وهو التعجُّل مِن قيْد التقوى؟! فقوله: {لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة: 203] راجع إلى الأمرين: التعجُّل والتأخُّر، وحينئذٍ إذا وجد هذا الوصف وهذا القيد الذي هو التقوى سواء تعجَّل الحاج أو تأخَّر يرتفع عنه الإثم، فيكون معنى الآية معنى حديث «مَن حج لله فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيومَ ولدته أمه» [البخاري: 1521]، أشار إلى ذلك الحافظ ابن رجب، وهذا هو الظاهر من معنى الآية؛ لأنه لا يليق أن يقال -كما يفهمه كثير من الناس-: إن التقوى مرتبطة بالتأخُّر؛ لأنها قيْد، فهل مَن لم يتَّق لا يرتفع عنه الإثم بالنسبة لمن تأخر دون مَن تعجَّل؟! التقوى مطلوبة من الجميع، وارتفاع الإثم شريطة أن يتحقَّق الوصف والقيد الذي هو التقوى سواء تعجَّل أو تأخَّر، وإن كان التأخُّر أفضل؛ اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-، وحينئذٍ يكون معنى الآية هو معنى الحديث «مَن حج لله فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيومَ ولدته أمه».