المفاضلة بين الصبر على الابتلاء وبين دعاء الله برفعه

السؤال
العبد عند الابتلاءات هل يُقدِّم الصبر والاحتساب على أقدار الله الكونية، أم يدعو الله أن يرفع عنه البلاء وينال أجر التقرب إلى الله بالدعاء والإلحاح وزيادة الإيمان؟ أيهما أعظم أجرًا؟
الجواب

الصبر شأنه عظيم، وأجره عند الله كبير، {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، لكن هذا الصبر لا يُنافي الدعاء، والدعاء عبادة، وجاء فيه «الدعاء هو العبادة» [أبو داود: 1479]، أو «مخ العبادة» [الترمذي: 3371]، فلا يُنافيه الصبر والاحتساب، فهو يصبر ويحتسب الأجرَ عند الله -جلَّ وعلا- ولا يتضجَّر، ولا يتشكَّى إلى الناس شكوى تُشعر بأنه يشكو ربَّه -جلَّ وعلا-، ومع ذلك يدعو أن يرفع الله عنه البلاء والألم الذي يُصيبه ويتألم منه، وإذا عُوفي من هذا البلاء تمكَّن من عبادة الله -جلَّ وعلا- على الوجه المطلوب، بل زاد منها، وقد تكون حاله مع وجود البلاء مع الصبر والاحتساب أنه يترخَّص في عباداته ويفعل ما لا يجوز له فعله لو كان سليمًا مُعافى.

وعلى هذا فلا مانع من أن يُلح إلى الله بالدعاء بأن يشفيه مما أصابه، ويكون له أجر الصبر في وقته، وأجر العبادة عند تمامها بعد أن يُعافى، وأجر الدعاء والإلحاح على الله فيه، كل هذا خير، وقد يحصل له من الأجور ما هو أضعاف وأكثر من صبره مع نوعِ ذكرٍ لهذا المرض في المجالس، ولو لم يصحبه تشكٍّ وتضجُّر وتذمُّر.

على كل حال كل إنسان يعرف من نفسه ما يعرف، بعض الناس أهل عزائم وصبر واحتساب، وممن ضُرِب به المثل في الصبر في القرآن أيوب –عليه السلام-، ومع ذلك قال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83]، يعني ما نافى صبره هذا الدعاء. فعلى الإنسان أن يجمع بين الصبر والاحتساب في وقته، ويدعو بكشف ضره من الله -جلَّ وعلا- ويلح في الدعاء، والله المستعان.