معنى حديث: «وإن أتاني يمشي أتيتُه هرولة»

السؤال
ما معنى قوله في الحديث القدسي: «وإن أتاني يمشي أتيتُه هرولة»؟
الجواب

 يعني: أن الله -جلَّ وعلا- يُبادِر في إثابته إذا تقرَّب إليه -جلَّ وعلا- أسرع من عمله وأكثر من أجره الذي يستحقُّه أصلًا. فإضافة الهرولة إلى الله -جلَّ وعلا- في مثل هذا الحديث الصحيح [البخاري: 7405] يختلف أهل العلم في إثباتها؛ لأن السلف اختلفوا فيها، وإذا اختلف السلف في شيء من أمور الاعتقاد صار للخَلَف فيه مندوحة، أما ما يتَّفق عليه السلف فلا مندوحة لمن أتى بعدهم أن يجتهد رأيًا.

فمنهم مَن يقول: تُثبَت الهرولة لله -جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، ولا نتعدَّى ذلك، ومنهم مَن يقول: إن هذا من باب المقابَلة، ولا تُثبَت الهرولة؛ لما تتضمنه من معنى ظاهر.

لكن ما المانع من أن تُجرى على ظاهرها، كغيرها من سائر الصفات التي قد يُفهم منها إذا قُورنتْ بصفة المخلوق شيء من النقص، لكنها بالنسبة للخالق كمال؟ فالله -جلَّ وعلا- {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3]، وكونه {لَمْ يَلِدْ} هذا بالنسبة للخالق كمال، لكنه بالنسبة للمخلوق نقص، ولا يعني اشتمال الصفة على نقص بالنسبة للمخلوق أن تكون كذلك بالنسبة للخالق، ولا مانع من أن تُثبَت لله -جلَّ وعلا-، بل هو المُتعيِّن إذا لم يوجد خلاف، وإذا وجد خلاف صحَّ النظر من المتأخِّر في أحد القولين من أقوال السلف.

على كل حال في مثل هذا تُثبَت الهرولة على ما يليق بجلال الله وعظمته، ومَن وَقَف عند ما سَمع فقد أحسن.