نشأة فكرة التعطيل في أسماء الله

السؤال
كيف نشأت فكرة التعطيل في أسماء الله مع أن الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- كانوا على منهج سليم؟
الجواب

فكرة التعطيل نشأت بعد تخيُّل التشبيه والتمثيل، فالمبتدعة شبَّهوا أولًا، وزعموا أن إثبات الصفات يلزم منه التشبيه، فتخيَّلوا التشبيه وزعموا التنزيه لله -جل وعلا-، ففرارًا من أن يُشبِه الخالقُ المخلوق -على حد زعمهم- لجؤوا إلى التعطيل ونفوا الصفات، فما وصلوا إلى التعطيل إلا على قنطرة التشبيه، وجاوزوها على سفينة التنزيه -على زعمهم-، وإلا لو اقتدوا بسلف هذه الأمة وأئمتها وأثبتوا لله ما أثبته لنفسه على ما يليق بجلاله وعظمته لما وقعوا فيما وقعوا فيه من تعطيل الخالق الذي أوصلهم إلى حد أن يعبدوا عدمًا؛ لأنه لا يمكن أن يُتصوَّر شيء بدون صفات، فوصلوا إلى حد أن يعبدوا إلهًا ليس له صفة، ولا يوصف بأنه موجود ولا غير موجود، ولا داخل العالم ولا خارج العالم، ولا بسمع ولا بصر ولا شيء من الصفات، وكل هذا بتأثير الكتب المترجمة التي تُرجمتْ في عصر المأمون، من كتب المنطق والفلسفة القديمة والحكمة -كما يزعمون-، فأثرتْ عليهم تأثيرًا وصل بهم إلى أن عبدوا إلهًا لا وجود له في الحقيقة، والتعطيل أمره خطير جدًّا، والجهمية الذين عطَّلوا الله -جل وعلا- عن أسمائه وصفاته كفَّرهم جمع من أهل العلم، أوصلهم بعضهم إلى خمسمائة عالم.

ولقد تقلَّد كفرَهم خمسون في

عشرٍ من العلماءِ في البلدانِ

فهذه البدعة بدعة مغلَّظة وخطيرة، ولها آثار ولوازم، فإذا جاء الرب -جل وعلا- يوم القيامة في الصفة التي يعرفها أهل السنة من خلال إثباتهم لصفاته الثابتة بالكتاب والسنة وسجدوا له ماذا عمَّن يُنكِر وينفي الصفات؟ ما موقفه في هذا الموقف العظيم؟ وهل يعرفه وهو لا يُثبت له صفة؟! أهل السنة من سلف الأمة وأئمتها ومن تابعهم على ذلك عرفوه بصفاته التي أثبتها لنفسه في كتابه وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- فسجدوا له، فماذا عمَّن ينفي الصفات ولا يثبتها؟ فاللازم خطير جدًّا، ولذلك هذه البدعة من البدع المغلَّظة عند أهل العلم، وقد كفَّرهم بها جمع من أهل العلم، والله المستعان.