المفاضلة في الحفظ بين تقديم (المُحرَّر) و(البلوغ)، وأهمية حفظ (الزاد)

السؤال
أيهما يُقدِّم طالب العلم الذي يدرس المذهب الحنبلي: حفظ (المُحرَّر)، أم (البلوغ)، خاصة أن أكثر شروح أهل العلم على (البلوغ)، و(البلوغ) أكثر حديثًا من (المُحرَّر)؟
ونلاحظ عليكم الاستشهاد بمقاطع من (الزاد)، فهل تنصحون طالب العلم بحفظه؟
الجواب

الجادَّة أن يُحفظ في بداية الأمر (الأربعون النووية)؛ لأنها أحاديث جوامع، وقواعد كليَّة من قواعد الشريعة، ثم بعد ذلك (العمدة)؛ لأنها من الصحيحين، ثم بعد ذلك (البلوغ)، أو (المُحرَّر)، لكن يلاحَظ أن (البلوغ) أخصر من حيث المتون وأكثر، ففي (البلوغ) مما يحتاجه طالب العلم ما لا يوجد في (المُحرَّر)، لكن من ناحية الصناعة الحديثيَّة كلام ابن عبد الهادي -رحمه الله- على الأحاديث أكثر من كلام الحافظ ابن حجر -رحمه الله-، علمًا بأن (البلوغ) مخدوم من كل وجه، فله شروح مطبوعة، ومسموعة، والدروس فيه قائمة، فما يُشكِل فيه شيء، و(المُحرَّر) رغم جودته ومتانته وإمامة مؤلِّفه إلَّا أنه ينقصه بعض الأحاديث التي يمكن أخذها من (البلوغ)، فالذي يُعنى به ويأخذ زوائد (البلوغ) سيستفيد فائدة كبرى.

أما النصح بحفظ (زاد المستقنع): فـ(زاد المستقنع) متن متين من متون أهل العلم، وفيه مسائل كثيرة جدًّا لا توجد في غيره من المتون الصغيرة، ويمكن أن يتربَّى عليه طالب العلم؛ لأن لفظه قوي، يحتاج إلى معاناة في فهمه، وبهذه المعاناة يرسخ العلم ويثبت، بخلاف الأساليب السيَّالة السهلة، فهذه ما تُرسِّخ علمًا، ولا تُخرِّج طالب علم، فيُعنى به طالب العلم. أما بالنسبة للحفظ، فإذا تصوَّر مسائل (الزاد) في ذهنه، واستدل لها، ونظر في أقوال أهل العلم، مَن يوافق، ومَن يخالف، وما دليله، فيكفي، وإن كان عنده فضل حافظة، وحافظته تُسعِف، وأراد أن يحفظه فهذا طيِّب جدًّا. وأنتم تسمعون مَن يفتي على جميع المستويات، وتدركون الفرق بين مَن يفتون في عباراتهم وأساليبهم، فبعضهم أسلوبه أسلوب مثقَّف، يفتيك وكأنه يعرض مسألة اجتماعية، وليس حكمًا شرعيًّا، وبعضهم يفتيك بكلام أهل العلم الدقيق، الذي له مفهوم، وله منطوق، فإذا استدلَّ لذلك فهذا هو العلم.