أفضل طبعة لـ(تفسير ابن كثير)، وجودة طبعة (الكتب الستة) بإشراف صالح آل الشيخ

السؤال
ما أفضل طبعة لـ(تفسير ابن كثير)؟ وما رأيكم بطبعة (الكتب الستة) بإشراف الشيخ صالح آل الشيخ؟
الجواب

أما (تفسير ابن كثير) فتعدَّدتْ طبعاته، بدءًا من الطبعة الأولى بولاق، على هامش تفسير صدِّيق (فتح البيان)، وهذه ذكروا عنها أنها طبعة ليست بجيدة، وهي نفيسة عند أهل الكتب، وقديمة، ونادرة، لكن يبقى أن فيها ما فيها؛ لعدم العناية بها؛ لأن العناية صارت بالكتاب الأصلي، فالكتاب الذي في صلب الكتاب (تفسير صدِّيق)، وهذا عكس وقلب للحقائق، فالأصل أن يُجعل في أصل الصلب الكتاب القديم، ثم يُجعل في الحاشية ما دونه، فـ(تفسير ابن كثير) وضع على الهامش، فلم تحصل العناية به مثل ما حصلت بـ(تفسير صدِّيق) الذي هو المقصد الأصلي. قد يقول قائل: (إن صدِّيق موجود أثناء الطبعة، وقُدِّم الكتاب من أجله، وطُبع على نفقته)، هذه مسألة لها أثر، لكن الأثر العلمي لا بد أن يكون مقدَّمًا على مثل هذه الاعتبارات.

طُبع الكتاب بعدها مرارًا: طبعه الحلبي، وطُبع في التجارية، وفي الاستقامة، وتتابعت المطابع على إخراجه. وهناك طبعة جميلة، لكن لا تسلم من غلط، في مطبعة دار الأندلس ببيروت. وطُبع أخيرًا في مطبعة الشَّعب بتحقيق ثلاثة أو أربعة نسيتُ الآن، هذه الطبعة يقول عنها كثير من الإخوان: (إنها فيها تصحيف وتحريف وأسقاط)، وأنا أقول: إنها أفضل الطبعات فيما وُجِد فيها، دعنا من النقول التي ألحقها الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في كتابه، ولم تُذكَر في أصل هذه الطبعة، فالكتاب مطبوع عن النسخة الأزهريَّة التي هي أول عرضة للكتاب، قبل الإضافات التي أضافها المؤلِّف، ولذا لا تجد سقطَ كلمة، أو سقطَ جملة، وإنما السقط مقطع كامل: أربعة أسطر، أو خمسة أسطر، أو صفحة، أو ورقة، لكنه مقطع كامل، أضافه الحافظ ابن كثير في كتابه بعد عرضته الأولى، فهذه طبعة طيِّبة جدًّا، لكن هذه الإضافات طالب العلم بحاجتها، فقد نقل ابن كثير نقولًا عن القرطبي، وعن الزمخشري، وعن الرازي، وأضاف إلى كتابه هذه النقول، وهذه لا توجد في طبعة الشَّعب؛ لأن الكتاب طُبع عن النسخة التي هي العرضة الأولى -كما تقدَّم-.

والبنَّا وهو ممن شارك في طبعة الشَّعب لحظ النقص في طبعتهم الأولى، فأضاف هذه الإضافات، ولذا طبعته الأخيرة في ثمانية أجزاء يُنصح باقتنائها؛ لأنه ما كلُّ طبعة يَبحث عنها الطالب يجدها.

وطبعة الحلبي -أعني: الأولى من طبعات الحلبي- في الجملة فيها هذه الإضافات، وهي طيِّبة، وكذلك الطبعة التجاريَّة، وطبعة الاستقامة، وقد تجد أخطاءً في كلمات، أو في شيء، لكنها في الجملة نسخ جيِّدة.

وحقَّقه أخيرًا سامي السلامة، وطبعه للمرة الأولى، واستُدرك، ولوحظ عليه كثير من الأخطاء، ثم استدركها في الطبعة الثانية، وأيضًا ما يَسلم الآن، لكنها طبعة جيِّدة، يُنصح باقتنائها.

وهناك طبعة محقَّقة، ومقابلة على نُسَخ، وعُلِّق عليها، وخُرِّجتْ أحاديثها في خمسة عشر جزءًا، طُبعتْ بمصر أخيرًا عن مكتبة أولاد الشيخ، وهي مكتبة مغمورة ليست معروفة، لكن الطبعة جيِّدة.

أما (مجموعة الكتب الستة) التي طبعتها دار السلام، وأشرف عليها معالي الشيخ صالح آل الشيخ، فأنا ما راجعتُها؛ لأن عنايتي بالطبعات القديمة، لكن مع ذلك إن كانت يد الشيخ ظاهرة في الكتاب، وبصماته واضحة، فالشيخ من أهل التحرِّي، لكن ما أدري هل الشيخ سيتسنى له أن يقرأ كل حرف حرف من هذه الكتب، ويراجع أصولها، ويقابلها؟ هذا قد يُستبعَد، لكن في الجملة إذا وُجد اسم الشيخ، والشيخ صاحب تحرٍّ وعناية، فلا أظنه يذكر اسمه عبثًا، بل لا بد أن يكون قد راجع، وأقل الأحوال أن يكون قد اختبر، والاختبار دون المراجعة الشاملة.