الإنكار على من يأكل أو يشرب باليسار في مجامع الناس

السؤال
في المناسبات وعند تناول الطعام يرى الإنسان كثيرًا من الناس يأكلون أو يشربون باليسار، ويَتحرج من النصيحة أمام الناس لهم، وربما أَحرج الشخصَ المقصود، وإذا انتظر إلى ما بعد تناول الطعام قد لا يُصادف الأشخاص المقصودين بالنصيحة، فما العمل في مثل هذه الحال؟
الجواب

هذا الأمر مما عمتْ به البلوى وكثُر تداوله بين الناس، مع أن النهي عن الأكل بالشمال والأمر بالأكل باليمين صحيح صريح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- «سم الله وكل بيمينك» [البخاري: 5376]، والعلة في ذلك أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، ومع ذلك يَندر أن تجد في كثيرٍ مِن الأقطار الإسلامية مَن يأكل باليمين، فمشابهة الشيطان في هذا العمل كثيرة جدًا، ويُجاهَر بها في المجامع والمحافل والمناسبات وحتى في المساجد، فنجد في الحرمين الشريفين كثيرًا من العُمَّار والزوَّار والحجاج وغيرهم يشربون باليسار، والإنكار على جميعهم لا شك أن فيه مشقة عظيمة، لكن لو كُتب على حافظات الماء تنبيهٌ للشاربين لحصل خيرٌ كثير، وهذا يُطالَب به الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريفين؛ لأنا نرى ذلك بكثرة، وتعجب مِن صحة الحديث وانتشاره بين الناس، وهو معروف في الكتب التي تُقرأ على الناس في مساجدهم، ويعرفه الخاصة والعامة، ومع ذلك يشربون بالشمال، مع أننا نلاحظ أن أكثر مَن يشرب بالشمال هم مِن خارج هذه البلاد التي تُحيى فيها السنة وتُدرس فيها هذه الأحاديث في المساجد، فالغربة في كثيرٍ من الأقطار الإسلامية مُستحكِمة، ولكن التنبيه هو المطلوب، والتوجيه لا شك أنه واجب أهل العلم، والله المستعان.

ومثل هذا السائل الذي يقول: (يتحرج من النصيحة أمام الناس)، لا مانع أن يهمس في أذنه، أو يشير إليه إشارة بيده -إذا كان يراه- بأسلوبٍ لا يجعله يَنفر من هذه النصيحة أو لا يقبلها، فيستعمل الأسلوب اللين والطريقة المناسبة التي لا تجرح، ولو جاء بلفظ عام لا يَقصد به شخصًا بعينه وأورد الحديث لأدى الغرضَ مِن غير أن يتأثر المنصوح.

والحكم في الأكل والشرب واحد سواء باليد مباشرة أو بواسطة الملعقة أو الشوكة أو نحوهما، فلا تُستخدم الشمال في الأكل ولا في الشرب لا مباشرة ولا بواسطة.