Rulings

الحائض والنفساء يحرم عليهما الصوم، ولا يصح منهما لو صامتا، أما المرضع والحامل إذا خشيتا على نفسيهما أو على ولديهما فإنهما يفطران، ولهما حالتان:

الحالة الأولى: أن يخافا على نفسيهما، فيجب عليهما القضاء فقط.

الحالة الثانية: أن يخافا على ولديهما فقط، فيجب عليهما القضاء والكفارة.

مما ينبغي أن يتنبه له الصائم: أن بعض الناس عنده حرص على موعد ما -وغالبًا ما يكون الدوام الوظيفي-، فيقدم وقت ساعته بضع دقائق بحيث إذا رآها ظن أنه متأخر فعجل إلى دوامه، ثم في وقت الإفطار ينسى أن ساعته متقدمة، فيفطر بناءً على توقيتها، فهذا يقال له: لو كان حرصك على دينك كحرصك على دنياك لحصلت خيرًا عظيمًا، مع أن الحرص على الدين هو الأصل؛ لأننا إنما خلقنا لتحقيق العبودية لله -جل وعلا-…

لو أكل ظانًّا أن الشمس قد غربت، كأن يكون نظر في الأفق فلم ير الشمس؛ لوجود غيم أو ما أشبه ذلك، ثم تبين له أن الشمس لم تغرب، فإن مثل هذا عليه أن يقضي؛ لحديث أسماء بنت أبي بكر في الصحيح، أنهم أفطروا، ثم طلعت الشمس، فأمروا بالقضاء [البخاري (1959)].

وأيضًا يعضده الأصل، فالأصل بقاء ما كان على ما كان، واليقين لا يُزال بالشك، وأهل العلم يلحقون بالشك غلبة الظن في هذا الباب، بمعنى أنه إن أكل…

الأكل أو الشرب وقت أذان المؤذن سواء استمر الأكل والشرب حتى نهاية الأذان أو إلى قبل نهايته فينبني على معرفة دقة المؤذن وتحريه، فإن كان المؤذن ممن يؤذن قبل طلوع الفجر فلا مانع من الأكل حتى يطلع الفجر، وإن كان المؤذن يؤذن مع طلوع الفجر أو بعده، فلا يجوز الأكل، ويفطر به إذا أكل بعد تحقق طلوع الفجر، وعلى المسلم أن يتحرى، وأن يخرج من عهدة الواجب بيقين.

من أكل بعد طلوع الفجر ظانًّا أن الفجر لم يطلع فالأصل بقاء الليل، وصومه صحيح، لكن ظنه بأن الفجر لم يطلع لا بد له من مستند، أما إذا كان مفرطًا، كأن ينام في مكان مظلم، وتحت المكيف، ولا يسمع شيئًا، ثم انتبه واستيقظ وأكل، فهذا تفريط منه؛ لأنه كان عليه إذا استيقظ أن يتثبت، ويسأل قبل أن يأكل: هل طلع الفجر أو لم يطلع؟ فهذا مفرط وعليه القضاء حينئذ، أما إذا بذل الأسباب واستيقظ ونظر في الأفق، وسأل من…

لا بد للصائم في صومه من استيعاب الوقت، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، قال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] لا بد من هذا، وأهل العلم يقولون: إن إمساك جزء من الليل مما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، بمعنى أنه لا يجوز له أن يأكل بعد طلوع الفجر، بل يلزمه أن يمسك قبيل طلوع الفجر؛ لأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ لأن معرفة دخول الفجر…

إذا ثبت دخول الشهر لزم تبييت النية، وأما النية المبيتة عند كل مسلم: أنه كلما جاء رمضان فإنه سيصوم، فغير معتبرة، ولذا إذا لم يبيت النية قبل طلوع الصبح فإن صيامه لا يصح، والنية شرط لصحة الأعمال، كما في حديث عمر رضي الله عنه: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» [البخاري (1)، ومسلم (1907)]، وجاء في الحديث: «من لم يبيت الصيام من الليل،…

المسافر حكمه حكم البلد الذي يدخل عليه الشهر فيه، فإذا سافر ولم يثبت الصيام في بلده فإنه لا يلزمه الصوم، فإذا وصل إلى بلد، وثبتت رؤية الهلال عندهم، وقد صاموا فيلزمه الإمساك ويقضي هذا اليوم.

وفي حديث كريب مع ابن عباس [مسلم (1087)] مسألة مهمة وهي: أن كريبًا الذي صام في الشام الجمعة ثم قدم المدينة فوجدهم صاموا السبت، إذا أتم أهل المدينة الشهر ثلاثين، كيف يصنع؟

من أهل العلم من قال:…

مسألة اختلاف المطالع، وهي: لو رؤي الهلال في دولة معينة هل يلزم بهذه الرؤية صيام المسلمين جميعًا أو يلزم من في البلد الذي رؤي فيه الهلال وتبقى بقية البلدان على حسب مطالعها ورؤيتها؟

قوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته» ليس خاصًّا بأهل المدينة، وإنما يتجه لكل من يتصور منه الإجابة، فالأصل أن الخطاب للأمة كلها، وعلى هذا إذا رؤي الهلال في أي بلد من بلدان…

هل الرؤية من باب الشهادة أو من باب الإخبار؟ بمعنى: هل هو خبر فيقبل فيه من يقبل خبره، أو شهادة فلا يقبل فيها إلا من يقبل في الشهادة؟

هناك فرق بين البابين، فدائرة الإخبار أوسع من دائرة الشهادة؛ لأن الإخبار يقبل فيه الواحد، والمرأة، والعبد، فإذا قلنا: هذا خبر ديني فأشبه الرواية قبل فيه الواحد، وأما إذا قلنا: هذه شهادة؛ لكونها يتعلق بها حقوق الخلق، فلا بد من شاهدين، ولذا خرج دخول شهر رمضان…

من أهداف الصوم تحقيق العفاف، وهذا مهم في حياة المسلم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» [البخاري (1905)، ومسلم (1400)]، والصوم الذي يحقق هذا الهدف -وهو العفاف- هو الصوم الشرعي الذي يؤتى به على الوجه المطلوب، فقد يقول قائل -وقد قيل-: كثير من…

أعظم أهداف الصوم هو تحقيق التقوى، يقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، فالصيام من أعظم ما يحقق التقوى، التي هي وصية الله -جل وعلا- للأولين والآخرين.

والتقوى هي فعل الأوامر واجتناب النواهي، و(لعل) في {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ…

جاء الحث على صيام شعبان، ومفهوم حديث النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين أن تقدمه بثلاثة أيام لا بأس به [البخاري (1914)، ومسلم (1082)]، وبهذا أعل حديث: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» [أبو داود (2337)، والترمذي (738)،  وابن ماجه (1651)]، مع أن من أهل العلم من صححه [الترمذي (2/107)، وابن حبان (3591)]، وحمل النهي على من ابتدأ الصيام بعد انتصافه، بأن بدأ الصيام من اليوم…

الحث على صيام التسع الأول من ذي الحجة جاء مركبًا من دليلين، بمعنى أنه جاء الحث على العمل في العشر في قوله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيهن خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر» [البخاري (969)، والترمذي (757) واللفظ له]، ولذا فضلت على أيام العشر الأخيرة من رمضان، وجاء في الأخبار الأخرى البيان بأن الصيام من أفضل الأعمال، فالحكم مركب من هذا وهذا،…

إذا كان على المسلم قضاء من رمضان ثم قدم الست على القضاء، فهذا لا يترتب عليه الثواب المرتب على صيام الست بعد رمضان؛ لأنه لا يكون متبعًا لرمضان بالست؛ إذ المفهوم من قوله: «من صام رمضان» يعني: كاملًا، وعلى هذا فالقضاء لا بد أن يكون قبل النفل.

قد يقول قائل: إن عائشة كانت تؤخر قضاء رمضان إلى شعبان، هل مفهوم هذا أنها لم تكن تصوم الست وعرفة وعاشوراء؟ ولا يتصور أن…

أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة [البخاري (1981)، ومسلم (721)]، وأبا الدرداء [مسلم (722)]، وأبا ذر [النسائي (2404)، وأحمد (21518)] رضي الله عنهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وجاء في بيان الثلاثة الأيام أنها البيض [الترمذي (761)، والنسائي (2422)]، فمن كان صائمًا من كل شهر، فليصم ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، وصيام الإثنين من جميع الشهر تدخل فيه الثلاثة؛ لأن الأقل يدخل في الأكثر، فهو…

في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا» [البخاري (2840)، ومسلم (1153)]، كثير من أهل العلم يحمل الحديث على أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «في سبيل الله» ابتغاء وجه الله -جل وعلا-، ولا يخصه بالجهاد، ولكن الإمام البخاري أورد هذا الحديث في أبواب الجهاد، فيكون المراد به…

الصوم إنما يجب على المكلفين كسائر العبادات، والمكلف هو من توفرت فيه الشروط الآتية:

أولاً: الإسلام: وهو شرط لصحة الصوم، فلا يصح من كافر.

ثانيًا: البلوغ: فغير البالغ غير مكلف.

ثالثا: العقل، فلا يجب الصوم على المجنون، لحديث عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن…

من مظاهر التساهلِ في رمضان التفريطُ في الصلاة، فإذا جاء موسم رمضان ترى من بعض الناس النوم يزداد عنده في النهار، وقد ينام عن الصلوات، وقد يؤخر صلاة الظهر وصلاة العصر إلى أن ينتبه مع غروب الشمس، وهذه كارثة بالنسبة للصائم، يوجد من يفعل هذا في بيوت المسلمين من الذكور والإناث، وهنا السؤال: هل تتحقق آثار الصيام على مثل هذا الصيام؟

الجواب: لا -والله- لا تتحقق، بل قد لا تتحقق ممن فعل دون ذلك،…

بعض أهل العلم من المغاربة في القرن السابع يرون أن الخلاف في كفر تارك الصلاة إنما هو مجرد تنظير، لا حقيقة له؛ لأنه لا يتصور أن يوجد مسلم يترك الصلاة، فهذه المسألة -عندهم- كغيرها من المسائل الافتراضية التي يذكرها الفقهاء كما قالوا في الفرائض: توفي زيد عن ألف جدة، فهذه الصورة لا توجد في الواقع، وكذلك الأمر في تارك الصلاة، وعليه لا يوجد خلاف حقيقي بين أهل العلم، فهم لا يتصورون مسلمًا يترك الصلاة،…