Rulings

(تحفة الأحوذي) يُخرِّج الحديث من المصادر المشهورة بعد حكم الترمذي على الحديث، فإذا قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح)، قال الشارح: وأخرجه فلان وفلان، وهذا موضع التخريج منه غالبًا، والشارح يُخرِّج الشواهد ويُعنى بها عنايةً فائقةً، فلما يقول الترمذي: (وفي الباب)، يحرص الشارح على تخريجها، فيردها إلى مصادرها، وهذا جهد طيب، وهو من مميزات هذا…

معلوم أن (جامع الترمذي) أقل الكتب الستة تكرارًا؛ لأنه يذكر الحديث الذي يريده ثم الشواهد يشير إليها إشارة، بقوله: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان، فلا يكرر إلا نادرًا.

كتاب (تحفة الأحوذي) لأبي العلا المباركفوري –رحمه الله- من أنفع وأنْفَس الشروح المتداولة الآن على (جامع الترمذي)، وهو أنفع لطالب العلم من شرح ابن العربي، مع إمامة ابن العربي –رحمه الله- ورسوخ قدمه في الفقه المالكي؛ لأن جهد ابن العربي في الغالب منصب على الأحكام والاستنباط. وهذا الشرح (تحفة الأحوذي) ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، فهو ليس بمثابة شرح ابن سيد الناس وتتماته في الطول،…

كتاب (سنن النسائي) بحاجة إلى عناية، وهذه الخدمات من السابقين لا تليق بمقام الكتاب، فهي حواشٍ وتعليقات يسيرة على الكتاب، ولعل الذي صرفهم عن خدمة هذا الكتاب صعوبته؛ لأن الكتاب أشبه ما يكون بكتب العلل، فتراجمه علل، أي يعلل الأحاديث بالتراجم.

كتاب (عون المعبود) اجتمع في تأليفه عالمان:

أما حلّ الألفاظ الغامضة، والمباحث اللغوية، وبيان التراكيب، فهذه لشرف الحق أبي عبدالرحمن محمد أشرف بن أمير الصديقي–رحمه الله-.

وأما الفوائد الحديثية، والكلام على المتون والأسانيد والعلل، وبيان أدلة المذاهب والتحقيقات الشريفة، فهي لأبي الطيب محمد شمس الحق العظيم أبادي –رحمه الله-.

قول الناس: (الأمهات)، الذي يراه بعض أهل التحقيق أن جمع أم في غير بني آدم بدون هاء(أمَّات) وفي بني آدم يقال: (أمهات)، وبذلك جاءت النصوص.

يُلقَب المازري –رحمه الله- بالإمام، فإذا قال القاضي عياض: (قال الإمام) فمراده المازري، ويشير إلى (صحيح مسلم) بلفظ (الأم)، فيقول: (ذكر في الأم) أو (جاء في الأم)، وإن كان يُوهم أنه (الأم) للشافعي؛ لكن (الأم) واحدة الأمهات، ومستفيض عند أهل العلم أن الكتب الستة يقال لها: (الأمهات الست)، فلا نستغرب أن يقال لـ(صحيح مسلم): الأم، وإن كان استخدامه بلفظ المفرد استعمال نادر وملبس أيضًا؛ حيث أن…

العيني في شرحه على (صحيح البخاري) يقصد في كثير من نقوله الحافظ ابن حجر –رحمهما الله- هو لا يسميه؛ بل يبهمه، فيقول: (قال بعضهم)، (قال بعض الشراح)، (زعم بعضهم)، ثم يتعقبه في مواطن كثيرة جدًا، فكتاب العيني مملوء من النقول عن ابن حجر والتعقبات والاستدراكات عليه، وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذه الاعتراضات بكتابٍ أسماه: (انتقاض الاعتراض) وهو مطبوع في مجلدين، قال القسطلاني: (لكنه لم يجب عن…

موضوع علم الحديث ومبادئه أخذها العيني من شرح الكرماني، ولذا وقع فيما وقع فيه الكرماني، قال العيني: (موضوع علم الحديث ذات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-)، هذا التعبير قاله الكرماني من قبل ثم تبعه العيني، ولذا يقول السيوطي في مقدمة التدريب: (ما زال شيخنا محي الدين الكافيجي يتعجب من قول الكرماني أن موضوع علم الحديث ذات الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: لأن ذاته موضوع علم الطب وليس موضوع…

الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- اشترط في مقدمة كتابه (فتح الباري) أنه لا يورد من الأحاديث إلا ما كان صحيحًا أو حسنًا، لكن الكمال لله -سبحانه وتعالى- فقد أورد فيه أحاديث فيها كلام لأهل العلم، وفيها ضعف، ولم ينبه عليها، ففي الجزء الأول صفحة 307 يقول: (وعند أحمد من طريقٍ أخرى عن المغيرة أن الماء الذي توضأ به -يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- أخذه المغيرة من أعرابية صبت له من قربة كانت جلدة…

الحافظ ابن حجر –رحمه الله- له اختيار في تكفير المصائب للذنوب، يقول في الجزء العاشر صفحة 105،110 من (فتح الباري): حصول التكفير للمصاب وإن لم يرضَ ولم يصبر، هذه من الغرائب؛ يرى أن التكفير بمجرد المصيبة، والرضا والصبر أجره قدر زائد على ذلك، وهذا رأي استقل به، وهو محتمل.

يقول الحافظ ابن حجر: (من قال: إن البخاري لا يستعمل (قال) إلا في المذاكرة لا مستند له) هذه العبارة شاعت بين الشراح، وبين العلماء يتناقلونها بينهم، يقولون: إن البخاري إذا قال: حدثنا فلان قال فلان؛ فإنما يكون البخاري قد أخذ الحديث عن هذا الشيخ مذاكرةً وليس على طريق التحديث، ومعلوم ما بين المذاكرة والتحديث من فرق، فبين الحافظ ابن حجر أن القائل بها لا مستند له.

يقول الحافظ ابن حجر عن البخاري –رحمه الله-: (جرت عادته أن دليل الحكم إذا كان محتملًا لا يجزم بالحكم)، بل يورده مورد الاستفهام، فلا يقول البخاري –رحمه الله-: باب وجوب كذا، أو باب استحباب كذا، إذا كان الدليل محتملًا، إنما يورده بلفظ الاستفهام هل كذا أو هل كذا؟ فلا يجزم إلا إذا كان الدليل نصًا في الموضوع.

شمس الدين محمد بن يوسف الكِرماني –رحمه الله- مؤلف كتاب (الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري)، نسبته (الكِرماني) بكسر الكاف، وإن كان الدارج على ألسنة الكثير وقاله النووي وغيره أنه بفتح الكاف (الكَرماني)، لكن الكِرماني نفسه ضبطها بكسر الكاف، ولما ورد ذكر (كِرمان) في الجزء التاسع من كتابه (الكواكب الدراري) صفحة 159 قال: (كِرمان بكسر الكاف، وقال النووي: بفتحها، أقول: هو بلدنا وأهل البلد أعلم…

من اللفتات في المفاضلة والترجيح ما ذكر ابن رجب –رحمه الله- في شرحه على (صحيح البخاري)، من ترجيح قول الشافعي وأحمد –رحمهما الله- في شرح غريب حديثٍ على قول ابن قتيبة والخطابي –رحمهما الله- يقول: (وقد نص على ذلك الشافعي وأحمد وهما أعلم بالسنة واللغة وبألفاظ الحديث ورواياتِه مِنْ مثل ابن قتيبة والخطابي ومن حذا حذوهما ممن يفسر اللفظ بمحتملات اللغة البعيدة)، فدل على أنه يرجَّح قول الأعلم…

يمتاز شرح النووي -رحمه الله تعالى- على (صحيح البخاري) بالإطالة في تراجم رواة الأحاديث إطالةً نسبيةً بالنسبة إلى الشروح الأخرى، فإنه يذكر سير الرواة وما يُستحسن ويُستطرف من أخبارهم، ولا شك أن في هذا فائدةً للقارئ، وتنشيطًا لهمته، والأخبار في الجملة محببة إلى النفوس، وفيها متعة واستجمام، لكن هذه الإطالة في تراجم الرواة عند النووي –رحمه الله- صارت على حساب معاني الأحاديث، وما يستنبط منها من…

صاحب كتاب (أعلام السنن) الإمام الخطابي أبو سليمان، اسمه: (حمْد) كذا ضبطه، وليس (حمَد) محرك الميم كما هو الاستعمال الشائع الآن، بل هو بسكون الميم (حَمْد)، وبه سماه أهله كما يقول عن نفسه، وإن قال كثير من الناس أنه أحمد.

مجد الدين الفيروز أبادي صاحب القاموس شرح (صحيح البخاري) وسماه (منح الباري في شرح البخاري) كَمُل ربع العبادات منه في عشرين مجلدًا، ولم يَكْمُل باقي الكتاب، وعلى هذا لو كَمُل الكتاب فقد يصل إلى خمسين أو ستين مجلدًا، قال التقي الفاسي: (لكنه -يعني الفيروز أبادي- ملأه بغرائب المنقولات لا سيما لَمَّا اشتهر باليمن مقالة ابن عربي - القول بوحدة الوجود- وغلب ذلك على علماء تلك البلاد، وصار يدخل في…

أَطلق بعض العلماء الصحيح على (سنن النسائي)، وأُطلق كذلك على (سنن أبي داود)، وقيل في (جامع الترمذي): الجامع الصحيح، وهذا تساهل ممن أطلقه، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

ومن عليها أطلق الصحيحا

 

فقد أتى تساهلًا صريحا

فلا شك أن إطلاق الصحيح…

عرض أبو عبدالله بن ماجه –رحمه الله- كتابه (السنن) على أبي زرعة –رحمه الله- فنظر فيه وقال: (أظن إن وقع هذا في أيدي الناس تعطلت هذه الجوامع أو أكثرها) هذا إن صح عن أبي زرعة فإنما قاله من باب التشجيع لمؤلفه، فشخص قد تعب على خدمة السنة ينبغي أن يُشجَّع، وليس كفعل بعضهم اليوم؛ لما شرح أحدهم (المحرر) للمجد جاء وعرضه على أحد الشيوخ وقال: أريد رأيك في الكتاب، وفي تسمية الكتاب؟ فقال له الشيخ:…