Rulings

المراقبة كما قال ابن القيم-رحمه الله-: (هي التعبد باسمه الرقيب الحفيظ العليم السميع البصير فمن عقل هذه الأسماء وتعبد بمقتضاها : حصلت له المراقبة)، هذه من فوائد معرفة الأسماء الحسنى التي جاء الحث على معرفتها والعمل بمقتضياتها، جاء في الحديث الصحيح: «إن لله تعالى تسعا وتسعين اسما مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة»

يقول ابن عبد البر -رحمه الله- في قول الله -عزَّ وجل- في الحديث القدسي: «الصوم لي» [البخاري: 7492]: (كفى بقوله: «الصوم لي» فضلاً للصيام على سائر العبادات)، لكن ينبغي أن ننتبه لأمر وهو أن المراد بالصيام هنا…

أشار ابن القيم -رحمه الله تعالى- إلى أمر مهم جدًا وهو سبب تأخير شرعية الصيام، وذلك لئلا يقول قائل: إذا كانت فوائد الصوم كثيرة مما ذكره ابن القيم و مما لم يذكره من فوائد دينية ودنيوية، فلماذا تأخر فرضه على الأمة؟ قال -رحمه الله تعالى-: (ولما كان فطم النفوس عن مألوفاتها وشهواتها من أشق الأمور وأصعبها؛ تأخر فرضه إلى وسط الإسلام بعد الهجرة، لمَّا توطنت النفوس على التوحيد والصلاة، وألفت أوامر…

إذا كانت العبادة لها سبب وجوب ووقت وجوب لا يجوز تقديمها على السبب اتفاقًا، فلا يُجزئ – مثلًا- تقديم الإطعام عن شهر رمضان، كأن تُخرج الكفارة في شعبان، لأن سبب الوجوب الفطر، فلا يُقدم الواجب على سببه، ويجوز التأخير وقت الوجوب فتخرج بعده، ويجوز أيضًا أن تُخرج بين السبب والوقت، نظير ذلك من حلف على شيء ورأى أن غير المحلوف عليه خيرًا منه، وأراد أن يُكفّر، فيجوز له أن يُكفّر قبل الحنث، ويجوز له…

كل ما يُروى في فضل رجب أو الصلاة فيه أو الصوم لا يصح باتفاق أهل العلم، وقد ألّف أبو الخطاب ابن دحية كتابًا أسماه: (أداء ما وجب في بيان وضع الوضاعين في فضل رجب)، وللحافظ ابن حجر رسالة سماها: (تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب)، وعلى هذا لو صامه مع غيره فلا بأس، أما إفراده فلا، وكذا لا يُخص بأي عمل شرعي يُتعبد بإفراده كالعمرة أو زيادة في القيام ونحوه.

ليس في حديث صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- ليوم الاثنين حجة لأهل البدع الذين تمسكوا وتشبثوا به، واحتجوا به على شرعية الاحتفال بمولد النبي -عليه الصلاة والسلام- ويقولون: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- شرع صيام يوم الاثنين؛ لأنه ولد فيه، فكذلك يُشرع الاحتفال بمولده. فنقول: لو كان خيرًا لسبقنا إليه خيار هذه الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فلا يُعرف عن أحد…

يُسن صيام الاثنين والخميس والعلة في ذلك أنهما يومان تُعرض فيهما الأعمال على الله -عز وجل- قال -عليه الصلاة والسلام-: «فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» وهو حديث حسن خرّجه الإمام أحمد[21753] وأبو داود[2436] والترمذي

العمرة في رجب جاء فيها حديث ابن عمر-رضي الله عنهما- في الصحيح: «أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر في رجب» [البخاري: 1775]، لكن عائشة –رضي الله عنها- استدركت عليه فقالت: «يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر-النبي عليه الصلاة…

جاء في حديث عمر -رضي الله عنه- أنه سَأَلَ -النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقَالَ: «كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال فأوف بنذرك» [البخاري: 2032] فيه دليل لمن يقول بأنه لا يلزم الصوم مع الاعتكاف؛…

اختلف العلماء في أنه هل يلزم العلم بليلة القدر لحصول أجرها وإدراك ثوابها أو لا، والصواب أن من قامها نال أجرها ولو لم يعلم بها، وقول من قال: إنه لا ينال أجرها إلا من شعر بها قول ضعيف؛ لأن الثواب مرتب على القيام؛ فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا» [البخاري: 1901] ولم…

سميت ليلة القدر بذلك؛ لأنها ذات قدر لنزول القرآن فيها، أو لِما يقع فيها من تنزل الملائكة، أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر. وقيل: القدر هنا بمعنى القدَر -بفتح الدال- الذي هو مؤاخٍ للقضاء، والمعنى أنه يُقدَّر فيها أحكام تلك السنة؛ لقوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]، وبه صدّر النووي رحمه الله-…

يكره مضغ العلك الذي لا يتفتت للصائم؛ لئلا يتسرب شيء إلى جوفه من طعمه إن كان له طعم، فإن لم يكن له طعم فلا كراهة، لكن ينبغي ألا يمضغه أمام الناس؛ لئلا يُساء به الظن، أما إذا كان له طعم أو له أجزاء تتحلل وتتفتت وتذهب إلى الجوف فإنه مُفطِّر بلا شك، وعلى كل حال فمضغ العلك ينبغي أن يجتنبه الصائم، وتناوله ومضغه لا شك أنه خلاف الأولى.

جماع الصائم ناسيًا، بعض أهل العلم يستثنيه من العذر ويُلزم من وقع فيه بالقضاء، وبعضهم يُلزمه بالكفارة كذلك؛ لأنه يَستبعد أن يقع من الصائم على سبيل النسيان، لكن الجادة المطردة عند كثير من أهل العلم أن حكم النسيان واحد في المفطرات كلها لعموم قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286].

مقتضى من سكت عنه أهل العلم من رواة الحديث فلم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا أنه مستور يحتاج إلى أن يُوثَّق، وأما توثيق ابن حبان فالقاعدة فيه: أنه إذا وَثّق ولم يُعارَض فإنه يُتوسط في أمر التوثيق، فلا يقال: إنه من أعلى درجات الصحيح، ولا يقال إنه ضعيف، بل يُتوسط في أمره فيقال: حديث حسن.

ما ثبت في الفرض ثبت في التطوع والعكس، إذ لا فرق بينهما في العبادات إلا إذا دل الدليل على التفريق بينهما، وقد جاء عن بعض السلف أنهم يُفرِّقون بين الفرض والتطوع في بعض المسائل كصيام من أصبح جنبًا، فيجيزون ذلك في صيام التطوع دون الفرض؛ لأن أمره أيسر وهو مبني على المسامحة، وكما في تبييت النية في الصوم، فيصح ذلك عندهم في التطوع دون الفرض، لكن الأصل أن ما ثبت في النافلة ثبت في الفريضة والعكس،…

الأصل أن المسافر لا يُفطر إلا إذا تحقق فيه الوصف المبيح للفطر وهو السفر، يعني إذا باشر السفر وشرع فيه وفارق الحضر، وهذا قول أكثر أهل العلم، أما مادام حاضرًا غير مسافر فهو شاهد للشهر فلا بد من إمساكه قال تعالى: { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}

الأفضل في الإفطار أن يكون على رطبات، فإن لم يجد فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء، جاء في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء» [أبو…

رؤية الهلال المراد بها ما كان بالعين المجردة، وهذا هو الأصل فيها، لكن لو استعمل فيها ما يساعد على الوضوح كالمناظير والمراصد، فإن الأدلة تدل على عدم تكليف الناس بها، والله لا يكلف نفسًا إلى ما آتاها، ولكن مَن طالع الهلال وجزم بأنه رآه بواسطتها بعد غروب الشمس وهو مسلم عدل، فقد قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: لا أعلم مانعًا من العمل برؤيته للهلال؛ لأنها من رؤية العين المجردة.…

من رأى هلال رمضان ورُدَّت شهادته ولم يُعمل بها فإنه لا يصوم وحده، ولا يفطر وحده، بل يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس؛ لحديث «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تُفطرون، والأضحى يوم تُضحّون» [الترمذي:…

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتاب (الإيمان): (اتفق المسلمون على أن من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة –الصلاة، الزكاة، الصيام، الحج- فاختلفوا في تكفير تاركها) يعني مع الاعتراف بوجوبها، والقول بكفر من ترك واحدًا منها رواية عن الإمام أحمد، واختارها طائفة من أصحاب مالك، فتارك أحد هذه الأركان الأربعة مع القدرة على فعله على خطر عظيم، فقد بُني الإسلام على…