Rulings

قد يكون الإنسان فتنة لغيره وهو لا يشعر، ويحمل من أوزارهم وتبعاتهم وهو لا يدري، فالرجل في بيته إذا تساهل في بعض المعاصي واقتدى به من في البيت من النساء والذراري صار فتنة لهم، ولذا ينبغي أن يكون هذا الدعاء على لسان المسلم {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [يونس: ٨٥]، أي…

الانشغال لا شك أنه فتنة عن الإتيان بالمطلوب كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في انبجانية أبي جهم: «كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني» [البخاري: 373]، تفتنني بمعنى تشغلني، ولا يتصور أنه –صلى الله عليه وسلم- انشغل بها وأخذت عليه حيزًا من وقته في صلاته، وإنما مجرد التفاته لها، فكيف بمن…

ولفظ الفتنة في كتاب الله كما يقول ابن القيم: (يراد بها الامتحان الذي لم يفتتن صاحبه بل خلص من الافتتان، ويراد بها الامتحان الذي حصل معه افتتان)، فالفتنة تطلق ويراد بها الامتحان الذي ينجح صاحبه فيه، والامتحان الذي يخفق صاحبه فيه، (فمن الأول قوله -جل وعلا- لموسى:  {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا}  [طه: ٤٠…

يقول جل وعلا: }وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ{   [ الأنفال: ٢٥ 

قال الله سبحانه وتعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣ ] يقول…

كلما كثر الأجر في عمل عظم الوزر في ضده.

سمى الله الكفر فتنة كما في قوله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: ١٩٣]؛ لأنه سبب للعذاب والحرق بالنار، فالكفار لما تلبسوا بالكفر، وهو في الحقيقة سبب للفتنة التي هي العذاب والحرق بالنار كما في قوله تعالى: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ}

يمكن تقسيم الآيات الواردة في الفتن في القرآن الكريم إلى قسمين رئيسيين:

- القسم الأول: الآيات الواردة في الفتن العامة، وهي التي تضرب سنام الدين، وتكسر قناته، وتنقض عرى التوحيد عروة عروة، وهي أخطرها على الإسلام وأهله، يقول الله جل وعلا: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}

تأثير القرآن على النفوس أمر عجيب، أثّر في الرسول -عليه الصلاة والسلام- وفي صحابته الكرام، وفي التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا من خيار الأمة، وبعض الناس يستبعد أن يكون هذا البكاء الذي يصدر من بعض الناس من قلب، فهلا شققت عن قلبه؟! فالتأثر بالقرآن أمر قلبي وأمره إلى الله -عز وجل-، وكون بعض الناس يحكم على من يبكي ويتأثر بالقرآن بالرياء؛ لكونه لم يشم لمثل هذا التأثر رائحة، ويقيس الناس…

المزاح الخفيف فسحة في ديننا -ولله الحمد-، وله أصل من فعله -عليه الصلاة والسلام-، لكن كونه يُتخذ مهنةً، ويُتكسب من ورائه، فمثل هذا لا يوجد له نظير في الشرع، ولا يوجد من امتهنه في العصور الأولى، وإن وجد في مجالس بعض الناس من يتخذ أشخاصاً لهذا الأمر، ويدفع له مرتباً من أجل أن يضحكه بحق وبباطل؛ لأنه كما هو معلوم إذا استمر مزاحه بحق فسيستثقله، فلا بد أن يخرج هذا المتكسب من وراء هذه المهنة إلى…

ضابط المزاح والقاعدة العامة فيما يباح منه بأن يكون حقاً، وهذا الأصل فيه؛ لأن الباطل باطلٌ، وأن يسلم هذا المزاح وإن كان حقاً من الكثرة التي تصد وتشغل عن ذكر الله، وألّا يؤول إلى أن يسف في كلامه بحيث يضحك القوم فيدعوه ذلك إلى قسوة القلب، وألّا يؤذي به أحدًا، وألّا يكون كذلك سببًا في حقد الناس عليه أو سقوط مهابته.

في الحديث «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعيد الكلمة ثلاثًا لتعقل عنه» [الترمذي: 3640] ولا شك أن الناس يتفاوتون في الفهم، وعلى المعلم أن يلاحظ أوساط الناس، فلا يكتفي بذكر الكلمة مرة واحدة اكتفاءً بفهم النابهين، ولا يكرر كذلك عشرات المرات لكي يفهم أغبى الناس، بل يتوسط. وتكرارها ثلاثاً فيه توسط، وهذا هديه-عليه…

من الحِكم في إلعاق الأصابع أن هذه الدسومة من بقايا وأثر نعمة، وباللعق يستفيد منها من يلعقها، ومع كثرة نعم الله علينا قد لا نتصور هذا الوضع الآن، ونظن أنّا لسنا بحاجة إلى مثل هذه الأمور، وكذلك ألّا تهدر هذه البقايا وتذهب مع الغسيل أو المنديل إلى أماكن تصان عنها، مع أن المقرر أن الشيء من بقايا الطعام الذي لا يمكن أن يستفيد منه إنسان ولا حيوان، ولا جرم له ، لو ذهب مع البقايا لا إشكال في ذلك…

قولهم: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم-) هذا الأسلوب يدل على الاستمرار غالبًا.

قال ابن القيم في (الهدي): (وكان لا يأكل متكئًا، والاتكاء على ثلاثة أنواع: أحدها: الاتكاء على الجنب، والثاني: التربع، والثالث: الاتكاء على إحدى يديه مع أكله بالأخرى، والثلاثة مذمومة).

لكن صيغة الحديث «لا آكل متكئًا» [البخاري: 5398]، تدل على أنه خلاف الأولى فليس فيه نهي، ومثله كذلك…

الملتزم - وهو ما بين الركن والباب- مأثور ثابت عن بعض الصحابة استقباله والتعلق به، ولذا يستحبه كثير من أهل العلم، وليس فيه حديث ثابت مرفوع، أما التعلق ببقية الجهات فمسألة مختلف فيها، وبعض أهل العلم كالشوكاني يجيز ذلك ويستدل بمثل حديث ابن خطل وتعلقه بأستار الكعبة، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينكر ذلك [البخاري: 1846]، وأن هذا من البيان الذي لا يجوز تأخيره…

الأصل أن كل إنسان مطالبٌ بالإعداد، والأمر به شرعي، وخطاب الشرع فيه متجه للجميع، قال تعالى: }وأعدوا لهم ما استطعتم{[الأنفال: 59…

لبس الخاتم للرجال للتزين والتحلي به، واتخاذ أنواع من الخواتم لها مناظر وأشكال جميلة وبرّاقة لا شك أن هذا لا يليق بالرجال، وفيه تشبه بالنساء، لكن يتخذ الرجال خاتماً من وَرِق، ليس فيه ما يُلفت النظرَ؛ اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-. فإن اتخذ الرجل الخاتم لحاجة استحب له ذلك، وإلا فالأصل الجواز كما قرر ابن حجر وغيره.

وقع خلاف في حكم لبس الساعة في اليد، هل هي من باب التحلي أو من باب الحاجة، فبعض أهل العلم يتورع عن لبس الساعة في اليد؛ لأنه يرى أنه من الحلي الذي هو خاص بالنساء، لكن إذا قلنا: إن الحاجة قائمة في لبسها، ولم يدل الدليل على منعها، ومادتها مباحة في الجملة، فيبقى أنه لا حرج في لبسها، وعلى الرجال ألا يتشبهوا في ساعاتهم بساعات النساء، لا في الألوان، ولا في الهيئة، ولا في صفة الساعة، وما أشبه ذلك…

كتاب (مشارق الأنوار على صحاح الآثار) للقاضي عياض –رحمه الله- في غريب (الصحيحين) و(الموطأ) من أنفس كتب الغريب.