Rulings

أَوْلَى ما يقال في معنى الحمدِ ما ذكَرَه ابنُ القَيِّمِ –رحمه الله- في (الوابلِ الصيبِ): أنه الإخبارُ عن اللهِ -جل وعلا- بصفاتِ كمالِه سبحانه مع محبتِه والرضا به. وأكثرُ العلماءِ يفسِّرونَ الحمدَ بأنه الثناءُ على المحمودِ بالصفاتِ الاختياريةِ لا بالصفاتِ الذاتية، وعلى هذا يشترِكُ الحمدُ مع المدحِ، وتعريف الحمد بالثناء فيه نظر، إذ الصحيحُ في الثناء أنه من التثنيةِ وهو تكريرُ المَحامِدِ…

اقترحَ بعضُ المُدرِّسينَ في المعاهد العلمية إعادَةَ ترتيبِ كتاب (العقيدة الواسطية)، بحيثُ يُجمعُ الدَّليلُ منَ الكِتابِ والسُّنةِ على الصفة الواحدة في موضعٍ واحدٍ بدلًا من أنْ يَتشتَّتَ الطَّالبُ فيقرَأَ في الأدلَّةِ منَ الكِتابِ ثمَّ يَنتقِلَ إلى الأدلَّةِ منَ السُّنةِ. ولكن كُتبُ أهلِ العِلمِ ينبغي ألَّا يُتعرَّضَ لها بتغييرٍ أبدًا، ومن أرادَ أن يجعَلَ لنفسِه تهذيبًا خاصًّا به فله ذلك…

كتاب (العقيدة الواسطية) لشيخ الإسلام ابن تيمية –رحه الله- شُرح عدة شروح، فقد شرَحَها الشَّيخُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ سَعديٍّ، وشرَحَها وعلَّقَ عليها الشَّيخُ محمدُ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ مانعٍ، والشَّيخُ محمدُ بنُ خليلِ بنِ هرَّاسٍ، وشرَحَها أيضًا الشَّيخُ عبدُالعزيزِ بنُ ناصرِ بنِ رشيدٍ رئيسُ محكمةِ التَّمييزِ سابقًا -رحمةُ اللهِ عليهم-، وشرَحَها أيضًا الشَّيخُ زيدُ ابنُ فيَّاضٍ شَرْحًا…

جاءَ التَّحذيرُ في كلامِ السَّلَفِ من علم الكلام، وشدَّدوا في النكيرِ على مَن تعاطاه، وقد أفتَى ابنُ الصَّلاحِ والنَّوويُّ وغيرُهما بتحريمِ النَّظرِ فيه وقال الناظم:

فابنُ الصَّلاحِ والنَّواوي حرَّما

 

وقالَ قومٌ ينْبغي أنْ يُعْلَما

ينبغي لطالبِ العِلمِ أن يَدرُسَ كتب العقيدة بالتَّدريجِ، وهي كغيرِها منَ العُلومِ، فيها السَّهلُ المُيسَّرُ الذي يُناسِبُ المبتدِئينَ، وفيها ما هو أعلى من ذلكَ مما يُناسِبُ المتوسطينَ، وفيها ما يُناسِبُ المتقدِّمينَ، ومنها ما يُناسِبُ أهلَ العِلمِ الكِبارَ إذ في مسائلِها ما يُشْكِلُ فَهْمُه على كثيرٍ منَ المتعلِّمينَ.

فممَّا يُناسِبُ المبتدِئينَ: الكُتبُ المختصَرَةُ…

علم الاعتقاد عِلمٌ شَّريفُ جليلُ يُطلَقُ عليه عِلمُ العَقيدَةِ، وعِلمُ الاعتقادِ، وصُنِّفتْ بهذا الاسم كُتبٌ كثيرةٌ، منها: (الاعتقادُ) للبيهقيِّ، و (الاعتقاد) لأبي الحسين ابن أبي يعلى، وعقيدة عبد الغني المقدسي (لُمْعة الاعتقاد)، و(العَقيدَةُ الواسَطِيَّةُ) لشيخِ الإسلامِ ابنِ تَيمِيَّةَ، و(تطهير الاعتقاد)، و(الإرشادُ  إلى صحيحِ الاعتقادِ)، وغيرُها. وإنَّما أُطلِقَ عليه (…

العَقيدةُ مأخوذةٌ منَ العَقْدِ، وهو الحَزْمُ والرَّبطُ بقُوَّةٍ وشدَّةٍ؛ لأنَّ الإنسانَ يَعْقِدُ قلبَه على ما يَقِرُّ فيه ممَّا يَعتقِدُ صوابَه، ومنه أيضًا: العقودُ، واليمينُ المعقودةُ وهي المجزومُ بها التي تُخالِفُ لغْوَ اليمين. والعقدُ هو المُبْرَمُ الموثَّقُ، لذا قال الله -تعالى-: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}

قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4] أي: يقاتلونَ حالَ كونِهم صفًّا واحدًا كأنهم بُنْيانٌ مَرصوصٌ، من شدةِ الالتصاقِ والتلاحمِ الظاهريِّ الذي يدلُّ على التلاحمِ الباطني، يفعلون ذلك؛ ليرى العدُوُّ اتِّحادَهُم واتحادَ كلمتهم، ولا شكَّ أن…

قد يقول قائل: نرى تسلط الأعداءِ على المسلمين في كلِّ مكانٍ، مع أن المسلمين كثرةٌ كاثرةٌ، لكنهم لا يملكون من الأمرِ شيئًا، ووجودُهم شبيهٌ بالعدمِ. نقول: ليس معنى هذا أن منزلةَ الكفارِ عندَ اللهِ أعلى من منزلةِ المسلمين، فالكفَّار مهما أوتوا في الدُّنيا من النَّعيم، فنعيمهم زائلٌ لا محالةَ، وهم قومٌ عُجِّلتْ لهم طيِّباتُهم في الدُّنيا، وفي الآخرةِ خالدون مخلَّدون في النارِ إن ماتوا على…

التوابُ من أسماءِ اللهِ -جلَّ وعلا-، ومعناه أنه يقبَلُ توبةَ التائبين -وهم كثر-، فكان لصيغة المبالغةِ وجهٌ. لكن بالنسبةِ للمخلوقِين فالتائبُ منهم أفضلُ من التوَّابِ، وذلك من وجهين:

- الأول: أن الوصف بالتائب يدل على أن هناك ذنبًا واحدًا قد تاب منه صاحبه ولم يتكرر منه، وهو أفضل وأكمل ممن يقارفها، وأما الوصف بالتواب فهو مشعر بحصول ذنوب كثيرة، ولا شك أن من لم يُقارِفِ…

يجوز للإنسان أن يحتج بالقدر في المصائبِ لا في المعائبِ، كما في حديثِ مُحاجَّةِ آدمَ وموسى -عليهما السلام- لما انتهى أثرُ المعصيةِ بالتوبة وبَقِيَ أثرُ المصيبةِ وهو الخروج من الجنة، احتجَّ آدمُ بالقَدَرِ فحجَّ آدمُ موسى –عليهما السلام- [

في قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} [البقرة: 253] إثباتُ صفةِ المَشيئَةِ، وفيها أيضًا إثباتُ صفةِ الإرادةِ، والإرادةُ والمشيئةُ بينَهما شيءٌ من التداخلِ، فالإرادةُ الكونيةُ مطابقةٌ للمشيئةِ، والإرادةُ الشرعيَّةُ مطابقةٌ للمحبةِ، وإرادة الله قد يقَعُ مُقْتضاها وقد…

في قوله تعالى: {لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الطلاق: 12]،  

بعضُ المفسرين يرى أن العقلَ خصَّ ذاتَه الشريفة فليس بقادرٍ عليها. وهذا كلامٌ مُوحِشٌ يتعاظم النطقُ به، لكن لا بد من الإجابةِ عن مثلِ هذا الكلامِ؛ لأنه إذا كان غيرَ قادرٍ عليها فهو عاجزٌ، والآيةُ…

هناك قدرٌ مشتركٌ بينَ العلمِ والمعرفةِ، وكلاهما نقيضُ الجهلِ، فالعلمُ لا يَسْتلْزِمُ سبقَ الجهلِ، بينما المعرفةُ تستلْزِمُه، ولذا يوصفُ اللهُ بالعلمِ ولا يوصفُ بالمعرفةِ.

وأما ما ورد في الحديثِ: «تعَرَّفْ إلى اللهِ في الرخاءِ يَعْرِفْك في الشدةِ»

قوله تعالى: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: 18] الحكيم الذي يضَعُ الأشياءَ في مواضعِها، وهو أيضًا مُحكِمٌ ومُتقِنٌ لما خلَقَه وأَبْدعَه وأنشَأَه. و(الحكيمُ) أخصُّ من (العليمِ)، كما أن (الخبيرَ) من الخبرةِ وهو أخصُّ وأدق من وصف العلمِ؛ لأنه ليس كلُّ عالمٍ عندَه خبرةٌ، بينما كلُّ خبيرٍ عندَه علمٌ، فالعلمُ صفةٌ…

حديث: «إن اللهَ خلقَ آدمَ على صورته» [البخاري: 6227

القياس أنواع:

- منه قياسُ تمثيلٍ، وهو إلحاقُ الفرعِ بالأصلِ لوجودِ العلَّةِ. وهذا النَّوعُ من القياسِ لا يمكنُ أن يُستعمَلَ في حقِّ اللهِ؛ لأن اللهَ- جلَّ وعلا يقولُ عن نفسه: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].…

قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فلا شيءَ يُشْبِهُه –سبحانه-، وقد اسْتَشْكلَ بعضُهم دخولَ الكافِ على (مثلِ)؛ لأن (مثلَ) كافيةٌ، والكافُ بمفردِها كافيةٌ، فلماذا جُمِعَ بينَهما؟. والكافُ الداخلةُ على المِثلِ المنفيِّ بـ(ليسَ) هي لتأكيدِ نفيِ المثْليَّةِ؛ فلو افتُرِضَ له مثيلٌ فلا مثيلَ له، فكيفَ وهو لا…

لَمْ يَذْكُرْ شيخُ الإسلامِ –رحمه الله- نفي التشبيهَ عن الله وصفاته في (كتاب الواسطية)، وإنما ذكر التمثيل؛ لأنَّه آثَرَ ذِكرَ مَا جَاءَ نَفْيُهُ في القرآنِ، كما في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. وكُلَّمَا كَانَ الاسْتِعْمَالُ في الاصطلاحاتِ الشرعيةِ مَأْخُوذًا مِنْ…

قال ابن تيمية: (فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة)، الذين آمَنُوا هم أهلُ الثباتِ؛ لأنَّهم اعْتَمَدُوا على نصوصٍ ثابتةٍ لا تَتَغَيَّرُ ولا تَتَبَدَّلُ في الدنْيا، فهم ثَابِتُونَ بتثبيت اللهِ لهم طِيلةَ الحياةِ وعندَ المَماتِ وعندَ السؤالِ. وليَكُنِ المُؤمِنُ على خَوْفٍ دائِمٍ ووَجَلٍ؛ فقد جَاءَ في حديثِ ابنِ مسعودٍ –رضي الله عنهما- وغيرِه عن النَّبيِّ -ﷺ-…