Rulings

إن لم يتمكن الحاج أو المعتمر من الرمل للزحمة كان خروجه إلى حاشية المطاف، بأن يبعد عن الكعبة حتى يتمكن من الرمل، أفضل من قربه من البيت بدون رمل؛ لأن الفضل كما يقرر أهل العلم المرتب على العبادة نفسها، أولى بالمحافظة من الفضل المرتب على مكانها أو زمانها، ما لم يكن المكان أو الزمان شرطًا، أما إذا كان المكان أو الزمان شرطًا فإنه لا بد من ملاحظته. فلو قال قائل: أنا لو جلست في طرف الصف الأول ما…

نحن نرى الناس اليوم يُزاحمون على الحجر لتقبيله، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعمر –رضي الله عنه-:«إنك رجل قوي فلا تؤذِ الضعفاء» [المسند: 190]. وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يزاحم ويأتي إلى الحجر ليقبله حتى يرعف دمًا، ويعيد ذلك ثانية، ولا…

تحية المسجد الصلاة، وتحية البيت الطواف، فمن قصد المسجد ولم يقصد الطواف فإنه يصلي. لكن إن طاف وصلى ركعتي الطواف انتهت تحية المسجد، فالمقصود شغل البقعة. وتحية المسجد تدخل في أي صلاة إذا كانت ركعتين فأكثر، أما إذا كانت أقل من ركعتين فلا تدخل. فلو جاء شخص بعد العشاء وأوتر بواحدة وجلس، نقول: صلِّ ركعتين. مع أن من أهل العلم من يقول: أن المقصود جنس الصلاة، فتجزئ الركعة.

لم يكن حول البيت بنيان أرفع منه أبدًا إلا الجبال، بخلاف الآن ترى شواهق الأبنية. ولا شك أن ارتفاع البيت عما حوله من تعظيمه، وليت الأمر اقتصر على أشياء مباحة، بل ارتفعت الأبنية الشاهقة، ويزاول فيها المحرمات، نسأل الله العافية.

يقول ابن تيمية –رحمه الله-: (وليس في الدنيا حرم لا بيت المقدس ولا غيره إلا هذان الحرمان -مكة والمدينة- ولا يسمى غيرهما حرمًا كما يسمي الجهال فيقولون: حرم المقدس، وحرم الخليل فإن هذين وغيرهما ليسا بحرم باتفاق المسلمين)، فلم يأت نص يدل على أنهما حرم، ولم يمنع الساكن فيهما من أي شيء مما يمنع في الحرم. وكذلك قولهم: الحرم الجامعي مقتضى التشبيه أن اللفظ يمنع؛ لأنه موهم. 

حرم مكة إذا أُدخل فيه صيد فلا بد أن يُرسل، بخلاف المدينة فإنه ليس عليه إرساله. وقصة أبي عمير –رضي الله عنه- في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: «يا أبا عمير ما فعل النغير؟» [البخاري: 6129]، دليل على ذلك، فإنه…

بعض العلماء يرون أن صوت المرأة عورة ويستدلون بأنها لا ترفع صوتها بالتلبية، ولا تجهر بالقراءة، ولا تُسبِّح في الصلاة بل تصفق، فكل هذه تدل على أن صوتها عورة. ويستثنى من ذلك ما يحتاج إليه كما في مسائل البيع والشراء وغيرها عند الحاجة.

ومنهم من يقول: إن صوتها ليس بعورة ما دام أن الرجال يسمعونها تبيع وتشتري وتروي وتتلقى الحديث. والخلاف بين العلماء في هذه المسألة معروف…

سئل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن أفضل الحج فقال: «العج والثج» [البخاري: 827]، والعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دماء الهدي. فهل يقال: أفضل أعمال الحج على الإطلاق، حتى من الوقوف بعرفة ومن طواف الإفاضة؟ نقول: ليس على إطلاقها؛ لكن لما كان الناس بصدد أن يتساهلوا في هذين الأمرين، وتجد…

أكثر الرحلات الموجودة التي كتبت في حج بيت الله الحرام مشتملة على ما ينقض التلبية، فتجد كثيرًا ممن كتب في هذه الرحلات همهم المزارات والأضرحة والبقاع والتوسل والتبرك، ويأخذ هذا حيّز كبير من هذه الرحلات. فالرَّحالون في الجملة هم من الأدباء، وعندهم مخالفات عقدية، وتجدهم يكثرون من التردد على هذه الأماكن ليصفوها؛ ليشدوا القارئ والسامع، ويأتوا بشيء جديد. أما إذا اقتصروا على المشاعر المعروفة فلن…

فدية الأذى يجوز أن يُخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله أو بعده؛ لأن القاعدة: أن ما له سبب وجوب ووقت وجوب، لا يجوز قبل سبب الوجوب، ويجوز بعد وقت الوجوب، والخلاف فيما بينهما، لكن الراجح جوازه. فلو أخرج كفارة اليمين قبل أن يبرم أو يعقد اليمين فلا يجوز، ولو أخرجها بعد الحنث جاز اتفاقًا، وإخراجها بينهما محل الخلاف والصواب جوازه؛ لأنه جاء في حديث: «لا أحلف على…

نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- «أن تنتقب المرأة المحرمة» [البخاري: 1838]، بأن تلبس النقاب الذي تبرز منه العينان، أو إحدى العينين. والنقاب هو ما يستر الوجه مع وجود نقب بقدر العين، فإن زاد عن ذلك فهو سفور وليس بنقاب. لئلا يقال: أنها لما نهيت عنه محرمة دل على جوازه لها إذا كانت حلالًا. نقول:…

السيارات ليست ملاصقة للرأس وليست بتغطية له، فليست بممنوعة للمحرم، وهي مباحة بلا إشكال. لكن هل تلحق بالخيمة وسقف البيت، أو تلحق بالمحامل التي فيها النزاع فيكون الأولى تركها ليضحي الإنسان لمن أحرم له؟، نقول: هذا فرع يتردد بين أصلين، وأقرب ما له المحمل الذي فيه النزاع، فهو قريب من السيارة، فالخلاف يتناوله مثل المحمل.

إذا لم يجد المحرم إزارًا فإنه يلبس السراويل ولا يفتقها، في أصح قولي العلماء. لأنه إذا قلنا: بأنه يقطع الخفين إذا لم يجد غيرهما، فإنه يلزمه أن يفتق السراويل، ولو لم يرد فيها ذكر ليقرب من الإزار؛ لأنه كلما قرب من الإزار كان أولى مما بعد عنه. لكن الصحيح أنه يلبس السراويل ولا يفتقها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص في البدل في عرفات، كما رواه ابن عباس –رضي الله عنه- [البخاري: 1841…

الإزار لو لم يعقد أو يربط بحبل أو نحوه فإنه يسقط وتنكشف العورة، فللمحرم حينئذ أن يعقده. والرداء لا يحتاج إلى عقد؛ لأنه يثبت بمجرد وضعه بالنسبة لكثير من الناس، أما بعض الناس فلا يثبت عنده، فيباح له حينئذ أن يعقده بقدر الحاجة، ولو استعمل المشبك استعمل واحدًا، وبعض الناس يستعمل عدة مشابك بحيث يكون كالمخيط، أو يستعمل أزرارًا من أعلاه إلى أسفله، فهذا لا يجوز بحال، ولم يقل بهذا لا شيخ الإسلام…

قال -صلى الله عليه وسلم- في خطبة المدينة: «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما» [البخاري: 1841]، فهل لبس الخف المقطوع من خلال كلامه -عليه الصلاة والسلام- مباح مطلقًا، أو أنه مباح لمن لم يجد النعلين؟، في الحديث قال: «من لم يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما»، ولم…

يقول ابن تيمية -رحمه الله- عن المحرم: (فإن لم يجد نعلين لبس خفين، وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالقطع أولًا بالمدينة، ثم رخص بعد ذلك في عرفات)، فقد خطب النبي -عليه الصلاة والسلام- في المدينة وقال: «إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين» [البخاري: 5803]، ثم رخص بعد ذلك في عرفات…

طريقة السلف ليست كما هو عليه كثير ممن يتصدر للناس الآن وهو غير أهل ولا كفء، أو يتصدر للناس مع وجود من يكفيه المؤنة، أو يتصدر بغير علم. فطريقة السلف التدافع. نعم لا يجوز بحال كتمان العلم من الجميع، بأن يطبق الجميع على أن يسألوا ولا يجيبوا، لكن إذا وَجد الإنسان من يكفيه المؤنة واكتفى به، باعتبار أن الواجب سقط عنه ولزم نفسه فهذا طيب.

جاء في وصف شريح –رحمه الله- أنه إذا أحرم كان كالحية الصماء لا يتكلم، بل مجرد تسبيح وذكر وتهليل وتلاوة وقيام. فهل يقال: إن شريحًا في هذه الصفة، يُمدح أكثر من غيره ممن يبرز للناس وينفعهم إما ببدنه، وهذا موجود -ولله الحمد- بكثرة في الشباب، أو بعلمه وهذا موجود -ولله الحمد- في الشيوخ؟، نقول: إن النفع المتعدي أفضل من النفع القاصر. فكونه يبرز للناس، ويتصدى لإفتائهم…

يقول شيخ الاسلام: (والسنة أن يحرم في إزار ورداء. الإزار الذي يغطي النصف الأسفل من البدن, والرداء الذي يغطي النصف الأعلى، سواءً كانا مخيطين أو غير مخيطين)، ليس معناه أنهما مخيطان على قدر البدن أو على قدر العضو، إنما فيهما فتوق وخروق وشقوق خيطت، ولو كانت من وصلتين، كأن يكون الرداء مقسوم قسمين، ثم بعد ذلك خيطت، أو من قطع متعددة، فليس هناك ما يمنع أبدًا من الإحرام بها؛ لأن الخياطة ليست مرادة…

في قوله تعالى: {وَلاَ جِدَالَ في الحج} [سورة البقرة: 197] على قراءة الرفع في قوله: {جدالٌ} لا يدخل إلا ما يتعلق في أمر الحج، فأمر الحج لا جدال فيه؛ لأنه بيّن وواضح، وقُطع المراء فيه، لا كما كان أهل…