Rulings

في قوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [سورة البقرة: 197]. (لا) إذا بني ما بعدها تكون نافية للجنس، بينما إذا رُفع ما بعدها تكون نافية للوحدة وللمفرد. فإذا قلنا: (لا رفثَ) لا بد من نفي جنس الرفث، (ولا فسوقَ) جنس الفسوق وهكذا. وإذا قلنا: (لا رفثٌ ولا فسوقٌ) نفي للوحدة…

 (منسك) شيخ الإسلام في طبعته الأولى طُبع معه منسك للأمير الصنعاني –رحمهما الله-، ومعهما قصيدة (ذكرى الحج وبركاته) للأمير الصنعاني المذكور، وطبع مرارًا المجموع في هذه الثلاثة. فالكتاب الأول معروف أنه لشيخ الإسلام، والثاني للأمير الصنعاني، والثالث قصيدة (ذكرى الحج) منسوبة للصنعاني أيضًا، وتواطأ الطبَّاعون على هذا، وسُجِّلت في…

قول: لبيك عمرة، أو لبيك حجًّا للدخول في النسك، مثل تكبيرة الإحرام للصلاة. ثم تكرار التلبية بعد ذلك مثل تكبيرات الانتقال، ولذلك تشرع التلبية عند تغيّر الأحوال، كما يشرع التكبير عند تغير الأحوال في الصلاة، من قيام إلى ركوع إلى قيام إلى آخره. يقول ابن تيمية: (ويشرع التكبير بعد ذلك عند تغيّر الأحوال)، ولا يُفهم من كلامه –رحمه الله- أن التلبية لا تشرع إلا عند تغيّر الأحوال، إنما يتأكد…

في حديث ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب –رضي الله عنها- ابنة عم النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمرها بالاشتراط قالت: إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال لها: «حجي واشترطي، وقولي: اللهم محلي حيث حبستني» [البخاري: 5089]، هذا اللفظ في الصحيح، والإمام البخاري –رحمه الله- أغرب كل الإغراب في إيراد الخبر، فإنه لم يرد في أي باب من الأبواب المتعلقة بالحج. ولذلك كثير ممن…

مباشرة الفعل أقوى من القول في النسك، والقول للدلالة على الفعل. وذِكر مثل هذا الكلام يريح طالب العلم، ويريح العامة الشيء الكثير. فكثير من العامة أسئلتهم: نسيت أن أكبر، أو نسيت أن أقول كذا، أو نسيت أن أفعل كذا، إلى غير ذلك. فإذا قيل: إنك إذا دخلت الحرم وطفت سبعة أشواط، وسعيت، تمّت عمرتك، لكنك فرطت في سنن كثيرة لا أثر لها في إبطال العمرة. ارتاح كثير من الناس. وهذا القول يريح في الكثير من…

في عمرة القضية جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- هو وأصحابه وطافوا، وقال المشركون ما قالوا: من أنه يقدم محمد وأصحابه «وقد وهنتهم حمى يثرب» [البخاري: 1602]، فأمرهم النبي –صلى الله عليه وسلم- بالرمل في تلك العمرة، من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، ويمشون بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونهم. فهل نقول: إن الرسول -عليه…

عمرة الحديبة عُدَّت عمرة من عمره -عليه الصلاة والسلام-، وإن لم يؤدِ أفعالها؛ لأن تركها وعدم إتمامها ليس في يده -صلى الله عليه وسلم-. وعلى هذا من قصد عملًا صالحًا، وحرص عليه، وبذل الأسباب، ثم صُدّ عنه، فله الأجر كاملًا بإذن الله. لكن لا يفرح لكونه صُد عنه، لأنه جاء راغبًا فيه، وصدّه يَحزّ في نفسه. أما من فرح بأنه صُدّ ومُنع فلا يحصل له مثل هذا الأجر، والظن بمثل هذا أنه إنما فعله ليقال عنه…

شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أن العمرة بعد الحج لا تشرع، ولا يسن لمن كان بمكة أن يخرج ليعتمر، ولا كان هذا من هديه -صلى الله عليه وسلم-، ولا من هدي خلفائه –رضي الله عنهم- من بعده. وحَمَل -رحمه الله- إعمار عائشة –رضي الله عنها- من التنعيم بعد حجِّها كما قال ابن القيم: أنه جبر لخاطرها، وأن الناس يرجعون لا سيما أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام- بعمرة متكاملة مفردة، وحج كامل مفرد،…

قد يرجع العالم من القول الأسهل إلى الأشد؛ لأنه رأى أن ترجيحه للأسهل يعين الناس على انفلاتهم من دينهم. فلو قيل بإطلاق: إن المبيت بمنى ليس بواجب، كما قال بعض أهل العلم، وجدتَ الناس كلهم يتركون المبيت بمنى، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بات بمنى، وقال: «لتأخذوا مناسككم» [مسلم: 1297]. ولو قيل كذلك بأن المبيت بمزدلفة ليس بواجب، ثم قيل…

شيخ الإسلام -رحمه الله- كغيره من أهل العلم الذين كتبوا في المناسك، بل منهم من كتب أكثر من منسك، والنووي –رحمه الله- كتب منسكًا ثم أتلفه وكتب غيره. ومنهم من كتب منسكًا ثم لمّا باشر الحج - والخبر ليس كالعيان - أحرق المنسك الأول، لا لأن الحكم قد تغيّر، وإنما نظرته إلى هذه الأحكام تغيّرت، ولا شك أن التطبيق له أثر في التقعيد. وابن حزم –رحمه الله- وقع له في بعض مسائل الحج شذوذ، لم يوافق عليها…

قوله تعالى: }ليبلوكم أيكم أحسن عملًا{ [الملك: 2]، نلحظ كلمة أحسن،…

ينبغي للمحرم ألا يتكلم إلا بما يعنيه، وغير المحرم كذلك. قال -صلى الله عليه وسلم-: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» [الترمذي: 2317]، والمحرم من باب أولى. وجاء الحث على حفظ الجوارح في الحج، وأيضًا في سائر الأحوال والأوقات والأزمان، لكنه بالنسبة للحاج أولى؛ ليرجع من ذنوبه كيوم ولدته…

في الحديث: «اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شئ فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته اللهم أنت الأول فليس قبلك شئ وأنت الآخر فليس بعدك شئ وأنت الظاهر فليس فوقك شئ وأنت الباطن فليس دونك شئ اقض عنا الدين وأغننا من الفقر» [

مسألةُ اللفظ بِالقرآنِ، هي المسألةُ العُظْمَى التي تَكَلَّمَ بها السلَفُ، وَرَمَوْا مَنْ قَالَ: ( لفْظِي بِالقرآنِ مخلوقٌ) بِالبدعةِ؛ لأنَّ هذا كلامٌ لمْ يَقُلْهُ النبيُّ ﷺ ولا قَالَهُ سلفُ الأمةِ، وهو في الحقيقةِ يَحْتَاجُ إلى تفصيلٍ، يَقُولُ ابن القيم –رحمه الله-:

الذي يُنْكِرُ وجود الجن يَكْفُرُ قولًا واحدًا؛ لأنه مُكَذِّبٌ للهِ ولرسولِه -ﷺ-، وأنكَرَ أمرًا قطعيًّا معلومًا من الدينِ بالضرورةِ، لا خلافَ فيه بينَ أهلِ العلمِ، أما الذي يُنْكِرُ تَلبُّسَهم بالإنسانِ فهذا لا يَكْفُرُ.

الإيمانُ يُعَرَّفُ في كثيرٍ من كتبِ اللغةِ المتأخرةِ وكتبِ أهلِ المقالاتِ المتأخرين بأنه التَّصديقُ، ويستدلونَ بقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: 17] أي بمُصَدِّقٍ، لكن إذا نظرْنا إلى التَّعْديةِ بالحرفِ، فلا تكونُ آمَنْتُ باللهِ معناها صَدَّقْتُ باللهِ، فالإيمانُ يَتَعَدَّى…

لا يكونُ المرءُ مسلمًا إلا بالنُّطق بالشهادتين، ولو اعتَقَدَ الاعتقادَ الجازمَ في قلبِه، فلا يكفي حتى يَنْطِقَ، لقول النبي ﷺ: «أُمِرْتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إلهَ إلا اللهُ» [البخاري: 25

على جميعِ المسلمينَ أن يُعْنَوا بمعتقَدِ أهلِ السنةِ والجماعةِ؛ فأما عامَّتُهم فيجبُ عليهِم أن يُؤمِنُوا بأن اللهَ واحدٌ في ربوبيتِه وفي أُلوهِيَّتِه، لا يجوزُ أن يُصْرَفَ شيءٌ مما يَسْتَحِقُّه لأحدٍ غيرِه، وأنه موصوفٌ بصفاتِ الكمالِ، وأن له الأسماءَ الحسنى والصِّفاتِ العُلا، إلى غيرِ ذلك من الأمورِ العامةِ الإجماليةِ، ولا يُكَلَّفُونَ بمعرفةِ التفصيلاتِ؛ لأن هذا من شأنِ أهلِ العلمِ،…

نشَأَتْ عندَ  بعض المبتدعة شبهةٌ وهي: أنَّ التَّشبيهَ من لوازمِ الإثباتِ، معَ أنَّ نفيَ التَّشبيهِ وتنزيهَ اللهِ -جل وعلا- ثبت بالكِتابِ والسنَّةِ، وإثْبَاتُ الصفاتِ كذلك ثَبَتت بالكِتابِ والسنَّةِ، فلا يُضرب هذا بهذا؛ لأن الجمع بينهما ممكن، وهو ما وفَّقَ اللهُ أهلَ السنِّةِ له، فاللهُ -جلَّ وعلا- يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ…

العقيدةُ الصَّحيحةُ عندَ أهلِ السنَّةِ والجماعةِ مُتلقَّاةٌ من كِتابِ اللهِ ، وما صَحَّ وغلَبَ على الظَّنِّ ثبوتُه عنِ النبيِّ -ﷺ-، فهي مثلُ الأحكامِ في ذلك؛ تَثبُتُ بالقرآنِ، وبمتواترِ السنَّةِ، وبآحادِها إذا ثَبتتْ. فالشَّرعُ بأصولِه وفروعِه- كما يقولُ أهلُ العِلمِ- مُتَساوي الأقدامِ، ومردُّه كله إلى ما جاءَ عنِ اللهِ -سبحانه وتعالى- وعن رسولِه -ﷺ-.

الكُلُّ مخلوقٌ وليسَ كلامُهُ