Rulings

من الناس من يُميّز قبل الخمس، ومنهم من لا يُميّز إلا في السبع، وهذا التمييز في الأمور الخاصة التي يكون الخيار فيها للإنسان، أما في الأمور العامة التي ليس للإنسان فيها خيار كالأمر بالصلاة –مثلًا- فقد عُلِّق الأمر بتمام السبع، ولم يُعلق بالتمييز؛ لأنه لو عُلق بالتمييز مع تفاوت الناس في التمييز صارت المسألة مضطربة، فتجد الحريص من الناس يأتي بطفله ابن الثلاث سنين إلى المسجد يؤذي الناس ويزعم…

المنكر يطلق ويراد به ما يخالف فيه الراوي الضعيفُ الثقاتَ، فإذا خالف الضعيفُ الثقاتَ قالوا: هذا الحديث منكر، ويخالف المنكرُ الشاذَ في كون الشاذ مخالفة الثقة للثقات وليس للضعفاء، وهذا الذي استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين. وقد يطلق المنكر ويراد به تفرّد من لا يُحتمل تفرده، ومنهم من يطلقه بإزاء الشاذ، وقد يوجد في إطلاقات الأئمة الكبار المتقدمين إطلاق المنكر بإزاء التفرد ولو…

الرواية بالكتابة صحيحة، فقد كَتب الصحابة –رضي الله عنهم-، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالكتابة فقال: «اكتبوا لأبي شاه» [البخاري: 2434]، والصحابة –رضي الله عنهم- كتبوا إلى بعضهم وإلى التابعين، وكتب من بعدهم إلى من بعدهم إلى أن وصل إلى شيوخ الأئمة، ففي (صحيح البخاري):

ذكر الحكم في الحد مردود عند أهل العلم؛ لأن الحد يتم بواسطته التصور، فإذا احتجنا إلى الحكم لتمام التصور صار تصورنا ناقصًا، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولذا قالوا:

وعندهم من جملة المردود

 

أن تذكر الأحكام في الحدود.

يقول أهل العلم: لا ينبُل الرجل حتى يأخذ العلم عمّن هو فوقه، وعمّن هو مثله، وعمّن هو دونه، فلا يتكبر طالب العلم فيقول: هذا زميلي كيف أروي عنه؟ أو يقول: هذا من طلابي كيف أستفيد منه؟ لا يكمل استعداد طالب العلم إلا بمثل هذا؛ بأن يأخذ العلم عمّن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه، والعلم لا يناله مستح ولا مستكبر، ولا يَنبُل الرجل إلا إذا أخذ العلم عمن جاء به، فإن قال: هذا شاب صغير، كيف أجلس…

الكتب في غريب الحديث كثيرةٌ جدًا، ومن أراد الاستقصاء في شرح الغريب فعليه بكتاب (غريب الحديث) لأبي عبيد القاسم بن سلّام –رحمه الله- وهو من الأئمة الثقات المعروفين المشهورين في الغريب واللغة والحديث، وهو موثوقٌ في نقله، سليمٌ من حيث اعتقاده، فكتابه من أنفس الكتب وأوثقها، وممن أَلف في الغريب من معاصريه أبو عبيدة معمر بن مثنى، وهو دونه في الثقة والمرتبة…

علماء الحديث لا يرون أن يُدخل المقطوع في الاتصال والانقطاع، بأن يقال عن الأثر: (مقطوع متصل)، فهم لم يروا وصف المقطوع بالاتصال؛ للتنافر اللفظي بين الكلمتين، وأما مع انفكاك الجهة فقد لا يُمنع إذا لم يُشكل، كأن تقول عن شخص طويلٍ في عمره قصيرٍ في قامته، تقول: (رأيت الطويل القصير) فهذا متنافر لفظي، لكن الجهة منفكة، وقد جاء في القرآن {فَأَنَّهُ…

الكلام في غريب الحديث بدون أصل يُرجع إليه فيه خطر؛ لأن الذي يتكلم في الغريب ولا أصل له يُعوِّل عليه لا شك أنه متقوِّل على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكما جاء التحذير من تفسير القرآن بالرأي، فإن هذا التحذير يطّرد أيضًا في تفسير الحديث وتأويله بالرأي، والأئمة كالإمام أحمد وغيره يتحرّون في الكلام على غريب الحديث أشد التحري، فالكلام في الغريب جدير بالتحري، حري بالتوقي.

الغاية لا تبرر الوسيلة الممنوعة شرعًا، كأن يأتي إنسان إلى أناس لا يشهدون الصلاة وهو بحاجة إلى نصحهم وإفادتهم، فيأتي بوسيلة ممنوعة شرعًا ليحببهم في الصلاة أو في التدين أو ما شابه ذلك، فهذا لا يجوز؛ لأن هذا الفعل المحبب به محرم وغير مشروع، والإنسان أهم ما عليه أن يسعى لخلاص نفسه، ودعوته للناس إنما هي من أجل خلاص نفسه، فكيف يسعى لخلاص غيره بما فيه هلاكه؟!

وقد تساهل بعض…

رأي الجمهور من أهل الحديث رد المراسيل، وإن كانت المراسيل في أول الأمر وفي الصدر الأول مقبولة. وقد ذكر ابن عبد البر وقبله ابن جرير الطبري –رحمهما الله-: أن التابعين بأسرهم يحتجون بالمراسيل، ولم يُعرف رد المراسيل إلى رأس المائتين،  حتى جاء الإمام الشافعي- رحمه الله تعالى- فاشترط شروطًا لقبوله، وهي:

- أن يكون المرسِل من التابعين الكبار.

انتهاء شهر رمضان مناسبة جيدة تناسب ذكر انتهاء العمر، فانتهاء اليوم مقدمة لانتهاء الشهر، وانتهاء الشهر مقدمة لانتهاء العام، وانتهاء العام مقدمة لانتهاء العمر، فهذه المناسبة التي هي انتهاء هذا الشهر مما يتذكر بها الإنسان انتهاء عمره، فيكون دائمًا على ذكر هاذم اللذات؛ لأنه إذا أكثر من ذكره فلا شك أنه لن يسترسل في مزاولة المعاصي ولن يقصر في أداء الواجبات.

إذا ثبت خروج شهر رمضان بالرؤية أو بإكمال العدة فإن هذا لا يعني أن المسلم استراح من عناء العبادة، فعمر المسلم كله موسم للعبادة كما قال -جلَّ وعلا-:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99 [ومن المؤسف أن كثير ممن ينتسب إلى هذا الدين من ينظر إلى هذا الموسم العظيم على…

الإنسان على ما تعود في قراءة القرآن، فإذا تعود القراءة سردًا لا يمكن له أن يتدبر إلا بتمرين جديد، وعلى هذا ينبغي أن يُعوِّد الإنسان نفسه الترتيل والتدبر في قراءة القرآن؛ لأنه إن أخذ على السرعة فإن التدبر يشق عليه، لا سيما وجمهور العلماء على أن القراءة بالتدبر والترتيل أفضل من السرعة، ولو كانت السرعة أكثر حروفًا.

ذكر العلماء الذين صَنّفوا في مناقب الأئمة من سلف هذه الأمة وعلمائها ما يبهر العقول، ويجعل الإنسان يحتار من صبر هؤلاء العلماء من الصحابة والتابعين على القيام والصيام وغيرهما من أنواع العبادات، وقد يقول قائل: إن قيامَهم وما يُذكر عنهم من ملازمةٍ للقيام والصيام قد يكون فيه مخالفة لحديث «إن الدين يسر» ]

شهر رمضان هو شهر القرآن حيث أُنزل فيه، كما قال -جلَّ وعلا-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} ]البقرة: ١٨٥

حال السلف في رمضان يعجز البيان عن وصفها اقتداءً بنبيهم صلوات الله وسلامه عليه، بحيث لا يملك الإنسان إذا سمع أخبارهم في هذا المضمار إلا أن يتحسر على وضع الأمة المزري في هذه الأزمان، حيث تكثر مزاولة كثير ممن ينتسب إلى الإسلام في هذا الشهر للمنكرات، ويعكف كثير منهم على الآلات المحرمة، ومشاهدة القنوات التي تبث السموم القاتلة من الشهوات والشبهات إلا من رحم الله، ومن أَسْلمِ الناسَ من يسهر…

ليس الصيام في الإسلام من أجل تعذيب النفس؛ بل لتربيتها وتزكيتها، والصيام يُنمّي لدى الصائم مَلَكَة المراقبة، فهو يمتنع عن ملاذ الدنيا وشهواتها، وما يمنعه من ذلك سوى اطلاع الله تعالى عليه ومراقبته له، فلا جرم أنه يحصل له من تكرار هذه الملاحظة المصاحِبة للعمل مَلَكَة المراقبة لله تعالى، والحياء منه سبحانه أن يراه حيث نهاه، وفي هذه المراقبة من كمال الإيمان بالله تعالى، والاستغراق في تعظيمه…

من المؤسف أن بعض الناس يعتب على من يتأثر بالقرآن ويبكي، وقد يقع في نية القارئ، ومثل هذا أمره خطير وهو الوقوع في النيات، بأن يقول: هذا يتظاهر ويفعل ويترك ويتخشع أمام الناس، نقول: اترك نيته إلى ربه، وهلا شققت عن قلبه؟! فعلى المسلم أن يفعل ما أُمر به ولا ينظر إلى نيات الناس.

قال -جلَّ وعلا-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص: 29] وغير ذلك من الآيات التي تحث على التدبر وقراءة القرآن على الوجه المأمور به، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: (فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب الإيمان العظيم، وتزيده يقينًا…

لما تحدث ابن القيم -رحمه الله تعالى- عن حال المقربين ووصفهم بما جاء من نصوص الكتاب والسنة، ورغم ما عُرف عنه من السهم الوافر من أنواع العبادات، لا سيما البدنية منها، وهو مشهود له بذلك، أقسم–رحمه الله- أنه لم يشم لهؤلاء رائحة.

وهذا ابن القيم! فكيف بمن دون ابن القيم -رحمه الله-؟! فكيف بنا؟! والله المستعان.