Rulings

بارك الله للإمام النووي–رحمه الله- في عمره، فهذا القدر اليسير من العمر –خمس وأربعون سنة- أنتج فيه هذا الإنتاج العظيم من المصنفات، مع أنه لم يكن يُشغل عمره أو جلّ وقته في التصنيف؛ فعنده في اليوم الواحد اثنا عشر درسًا، والعبادة تأخذ من وقته الشيء الكثير؛ فهو معدود من العُبَّاد -رحمه الله-، وله شفاعات كثيرة جدًا لذوي الحاجات عند الولاة، حتى أنه أُمر بالكف عن هذه الشفاعات فما امتثل -رحمه…

القارئ لأعمال الشيخ أحمد شاكر –رحمه الله- كلها يلمس منه التساهل في التصحيح وتوثيق الرواة، فقد وثّق من الرواة في (جامع الترمذي) ما يزيد على ثلاثين راويًا الجمهورُ على تضعيفهم.

وناقش -رحمه الله- مسألة تصحيح الترمذي، وهل هو معتبر أو ليس بمعتبر؟ وقد نص جمع من الأئمة كالذهبي وغيره أن الترمذي متساهل في التصحيح. لكن الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- يرى أن تصحيح الترمذي معتبر،…

الشروح على الكتب إما أن تكون موضوعية أو موضعية أو مزجية.

فالشرح الموضوعي: بأن يأتي الشارح إلى الموضوع عامةً ويتحدث عنه من خلال ما ذُكر فيه من النصوص، كأن يشرح كلامًا مختصرًا لشيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في (الواسطية) يشرحه بالنقول الواسعة من كلامه في كتبه المطولة، فيتحدث عن الموضوع جملةً ولا يحلل الألفاظ، وأقرب مثال لهذا كتاب: (الروضة الندية شرح الواسطية)، وكذلك…

أول من اتخذ الكعب العالي نساء بني إسرائيل يتطاولن بها في المساجد، وقد ذكر الحافظ ابن رجب –رحمه الله- في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري) صفحة 11 حديثًا عن أسماء بنت أبي بكر –رضي الله عنها- قالت: (إنما سلطت الحيضة على نساء بني إسرائيل؛ لأنهن كن اتخذن أرجلًا من خشب يتطاولن بها في المساجد)، فعلى هذا استعمال الكعب العالي سنة بني إسرائيل.

ذكر الترمذي في علله التي في آخر (الجامع) أن جميع ما في كتابه معمول به سوى حديثين، والحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى- زاد على الحديثين مما صح من الأحاديث ولم يعمل به أهل العلم. والحديثان اللذان استثناهما الترمذي:

أحدهما: حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم-«جمع بين الصلاتين في المدينة من غير خوفٍ ولا مطر»

كتاب أبي سليمان الخطابي (معالم السنن) على اختصاره من أنفس الشروح؛ لإمامة مؤلفه، ورسوخ قدمه، وكتابه (معالم السنن) هذا أجود من كتابه (أعلام السنن)؛ لأن هذا الكتاب ألَّفه أصالةً للسنن لشرحها وخدمتها، أما (أعلام السنن) فألفه كالتكملة لهذا الكتاب. ومنهجه في مسائل الاعتقاد في كتابه (معالم السنن) فيه خلط وخبط عجيب، سلك فيه مسلك الخلف في التأويل، لكن الذي نقله عنه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-…

تقسيم الإمام الخطابي –رحمه الله- للحديث وحصره في الأقسام الثلاثة وهي: الصحيح والحسن والضعيف لم يُسبق إليه، فهو أول من قسمها في مقدمة كتابه (معالم السنن)، وإن كان قد وجد في كلام الأئمة، ذِكر الصحيح، والحسن، والضعيف، لكن من غير حصرٍ في الأقسام الثلاثة، وقد انتقد الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- الحصر في هذه الأقسام الثلاثة، وقال: (إن كان هذا التقسيم يرجع إلى ما في نفس الأمر فليس إلا صحيح…

الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- يقول: (وظننت حين سألتني تجشّم ذلك أن لو عُزِم لي عليه، وقضي لي تمامه، كان أول من يصيب نفعُ ذلك إياي خاصةً) يعني أن أول من يستفيد من التأليف هو المؤلف، وأول من يستفيد من التعليم هو المعلم، هذا معنى كلامه، لكن ما معنى (عزم لي)، والفعل مبني للمجهول، من فاعله؟ يقول القاضي عياض: (قال الإمام -المازري-: لا يُظن بمسلم -بالإمام مسلم- أنه أراد لو عَزم الله لي عليه؛…

رأى القاضي عياض أن من العدل والإنصاف لسابقيه أن يجعل تأليفه لـ(إكمال المعلم شرح صحيح مسلم) مكملًا للنقص الكثير الوارد في (المعلم) للمازري، مع اعتماده أيضًا على (تقييد المهمل) للجياني، ولا شك أن الاعتراف بالسابق أمر مهم ينبغي أن يُربى عليه طلبة العلم، مع أن الإنسان يأنف من أن يتعلق بأذيال غيره، بل يريد أن يكتب ويؤلف ابتداءً، فإذا كان مثل القاضي عياض الذي يستطيع أن يؤلف ابتداءً مثل ما كتبه…

طريقة أهل العلم أن العلم والمسائل إذا كانت مشتهرةً ومستفيضةً لا تُنسب كما ذكر ذلك النووي وغيره؛ لأن العلم ليس مُلْكًا لأحد، أما ما يستغرب من الكلام، وما ينتقى من أبكار الأفكار فيُنسب لقائله.

الفرق بين أحاديث (صحيح البخاري) وبين مذهب الشافعي ليس كبيرًا، فبينهما تقارب كبير، ولذا لا يظهر التعصب بالنسبة لمن يشرح الكتاب حينما يكون شافعيًا أو يكون حنبليًا، لكن حينما يكون الشارح حنفيًا، وكثير من أحاديث الكتاب تخالف مذهبه فقد يظهر في شرحه التعصب لمذهبه؛ لأن الفجوة بينهما كبيرة، وقد ذكر الكِرماني وابن حجر وغيرهما في مواضع أن البخاري –رحمه الله- إذا قال: (قال بعض الناس) فمراده الحنفية…

منهج الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في مسائل الاعتقاد مضطرب، فالحافظ منهجه في العقيدة ليس على طريقةٍ واحدة، إنما هو نقال في هذا الباب، ينقل أقوال السلف والأئمة المقتدى بهم، ممن يثبت لله -سبحانه وتعالى-ما أثبته لنفسه، وينقل أقوال الخلف من المخالفين لعقيدة السلف، ولا يتعقب شيئًا من ذلك.

ودّ الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- وتمنّى أن لو تتبع الإحالات التي تقع له في (فتح الباري)، لكن لم يفعل ذلك –رحمه الله-، فتجده يقول: وسنتكلم على هذا الحديث، أو تأتي الإشارة إلى كذا في موضع كذا، ثم تأتي ويحيل مرةً أخرى، وقد تأتي الإحالة ولا يتكلم عنها.

وكتاب (فتح الباري) كتاب طويل، وكان تأليفه فيما يقارب ربع قرن لطوله وتحريره وتنقيحه، وما زال الحافظ –رحمه الله- يُحرر…

تهجم الكِرماني على البخاري –رحمه الله- ووقع في هفوات في أكثر من موضع من شرحه (الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري)، وأكثر تلك الهفوات وقعت منه في كلامه عن الربط بين الحديث والترجمة، وقد تعقبه الحافظ ابن حجر في كثير من تلك المواضع. فمما ذكر الكِرماني ما جاء في الجزء الثاني من شرحه صفحة 183 يقول: (البخاري لا يراعي حسن الترتيب، وجملة قصده إنما هو في نقل الحديث وما يتعلق بتصحيحه لا غير، ونعم…

الذي يقرأ (صحيح البخاري) من أوله إلى آخره دون شرحٍ، وهو متوسط الفهم، متوسط التحصيل، يخرج بفائدة طيبة، فغالب ما في الكتاب لا يُشكل إذا استثنينا المناسبة بين الحديث والترجمة التي قد عجز الفحول عن استنباط بعضها، واستثنينا بعض الألفاظ المشكلة. لكن الشروح المطولة الوافية على (صحيح البخاري ) لا يمكن أن يستغني عنها طالب علم أبدًا؛ لأنها تُولِّد فيه ملكة يتمكن بواسطتها من محاكاة العلماء في…

ما نُقل عن الخطابي –رحمه الله- في كتابه (أعلام السنن) من تأويل الأسماء والصفات، موجود مع الأسف الشديد في غالب شروح الأحاديث، إذ لا يسلم منها إلا القليل النادر، وحبذا لو انبرى لهذه الكتب من كتب التفاسير والشروح مَن يُوثق بعلمه وعقيدته وفهمه، وعلَّق عليها تعليقات تكون مختصرةً نافعةً، كما فعل الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- في تعليقه على أوائل (فتح الباري)، تعليقات نفيسة بأسطر قليلة،…

قد يقول قائل: لماذا لم يجعل الأئمة (مسند الإمام أحمد) -رحمه الله- من الكتب الستة، لا سيما وأن شرط الإمام أحمد في مسنده قوي جدًا، ولا يقل عن شرط أبي داود، إن لم يكن أعلى منه وأرفع، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، وكما هو واقع الكتاب؟

نقول: إن المسانيد كـ(مسند الإمام أحمد)، و(مسند الطيالسي)، و(مسند أبي يعلى)، وغيرها من المسانيد، اصطلح الأئمة على جعلها في المرتبة دون…

المراد بالكتب الستة: (صحيح البخاري) و(صحيح مسلم) و(سنن أبي داود) و(سنن الترمذي) و(سنن النسائي)، ووقع في السادس خلاف، فمنهم من جعل السادس (موطأ الإمام مالك) -رحمه الله- كابن الأثير في (جامع الأصول)، ورزين العبدري في (التجريد للصحاح والسنن)، ومنهم من جعل السادس (سنن الدارمي) وهو خليق بذلك، وأكثر العلماء على أن السادس (سنن ابن ماجه)، وأول من جعل السادس (سنن ابن ماجه) هو أبو…

قد تتعرض المرأة العفيفة للاتهام في عرضها، لا سيما في مثل الظروف التي نعيشها، حيث يمكن أن تُصَوَّر، ثم يُدبلج على صورتها صورة عارية... ثم يضغط عليها بهذه الصورة، فنقول لمن يحصل لها مثل ذلك: عليها أن تعتصم بالله وتتوكل عليه، ولا تستجيب بحال من الأحوال، وسوف يبرئها الله -جل وعلا- مما نسب إليها، وهذه عائشة أم المؤمنين –رضي الله عنها- رغم ما قيل وما استفاض وما لاكته الألسنة نزلت بعد مدة…

من أجمع ما ألف في مبهمات القرآن: كتاب السهيلي في مبهمات القرآن (التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام)، وللسيوطي أيضاً: (مفحمات الأقران في مبهمات القرآن).