Rulings

قرأنا في سيرة أبي داود -رحمه الله- فوجدنا قول موسى بن هارون الحافظ -رحمه الله-: (خُلق أبو داود في الدنيا للحديث، وفي الآخرة للجنة)، ذُكر ذلك في عدة كتب، كـ(تهذيب الكمال)، و(سير أعلام النبلاء)، وغيرها، فما مخرج هذا الكلام؟

علمنا أن عامة أهل الحديث مجتهدون، ولكن قد يظهر على بعضهم ميل لأحد المذاهب، كأبي داود -رحمه الله- مثلًا، قال عنه ابن تيمية -رحمه الله-: إنه إمام مجتهد، وذُكر أبو داود في طبقات الحنابلة، فقد كان إمامًا مجتهدًا يميل إلى الحنبلية في الراجح. وقد بحثتُ عمَّا يميل إليه ابن ماجه -رحمه الله- من المذاهب فلم أتوصل إلى شيء.

عند قيام طالب العلم ببحثٍ ما، ووجد أن هناك مَن سبقه في هذا البحث، أو في جزء منه، فهل يعتمد هذا الباحث على الدراسات والبحوث الجاهزة، ثم ينطلق منها في بحثه؟ بمعنى هل نبدأ من حيث انتهى الآخرون، أم أن الباحث يعود للمصادر والمراجع التي رجع إليها الدارسون والباحثون قبله، فيراجعها ويستقي منها مباشرة؟

ما رأيكم في كتاب (سراج المُريدين)؟

لفظة التشريك لفظة عامة، فقد يُشرِّك المرء بين عبادة وعبادة، أو عبادة ومباح، أو عبادة ومعصية،...إلى آخره، فنود من فضيلتكم أن تنصحونا بمراجع في مسألة التشريك.

لكل علم من العلوم مفاتيح يحتاجها من أراد تعلُّم هذه العلوم.

كيف يمكن لطالب العلم أن يَستصحب في كل حركاته وأقواله أنه في عبادة عظيمة؟

كيف يمكنني التوفيق بين قراءة الورد اليومي من القرآن، وبين حفظ المقرَّر منه، وبين مراجعته، وبين طلب العلم؟ فلم أستطع التوفيق بين كل ذلك، إن أمسكتُ جانبًا من ذلك، حصل لي التقصير في الآخر.

كيف يمكن للإنسان أن يُحوِّل العُجب الذي يحصل له في النفس بسبب مدح الناس، إلى ذُلٍّ وانكسارٍ لله تعالى، فيجعل من ذلك المدح سببًا لزيادة ذُلِّه وانكساره؟

هل يمكن أن يكون المؤمن فتنة لأخيه المؤمن؟ وإذا كان كذلك فماذا يفعل؟ فهو لا يحب أن يكون بلاءً على غيره.

قال الكرماني -رحمه الله- في كتاب العلم في باب (مَن يُرد الله به خيرًا يفقِّهه في الدين) قال عن الإرادة: (وهي عند الجمهور صفة مُخصِّصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع، وقيل: إنها اعتقاد النفع أو الضرر، وقيل: هي مَيل يتبعه الاعتقاد، وهذا لا يصح في الإرادة القديمة)، لم أفهم معنى الإرادة كما قال، وهل أول عبارة قالها صحيحة؟ وهل يكفي في الردِّ أن أقول: إن الإرادة صفة ثابتة لله، تليق بجلاله، بدون تكييف ولا تحريف، ولا تمثيل ولا تشبيه، وأن الإرادة نوعان: إرادة كونيَّة، وإرادة شرعيَّة؟

يوجد في بعض مدارس التحفيظ صور لحيوانات على الجدران، وكذلك في ألعاب الأطفال، وتبريرهم أنها روضة أطفال، فما توجيهكم لذلك؟

يظهر فقه العلماء خصوصًا عند أصحاب السنن من خلال وضعهم للأبواب واختيار الأدلة، فكيف يمكن لنا أن نزيد مقدرتنا على ملاحظة هذا الفقه؟

من خلال قراءتي لسيرة الإمام أحمد بن حنبل، والإمام أبي داود -رحمهما الله-، وجدتُ أنهما إمامان مجتهدان، فما معنى مجتهد مُطلق؟ وكيف يظهر اجتهاد الإمام أبي داود في سننه؟

حبذا لو أشرتم علينا ببعض الأفكار في خدمة كتب السنة، أو كتب التفسير.

ما أهم النقاط التي يجب معرفتها عند البحث في رجال الإسناد؟

لمَّا منَّ الله علينا بسلوك درب الطلب، وجدنا أن هناك جُملًا منتشرة حتى في الأوساط العلمية، متداولة بين أهل العلم، ولكن وصولها إلى عوام الناس دون ضبط قد يؤدِّي إلى نتائج سلبية في الفهم والعمل، وذلك مثل عبارة: (ليس كل مسلم مؤمنًا)، فبعد طلب العلم عرفنا أن المقصود المؤمن كامل الإيمان، وإلِّا فإن المسلم لا بد أن يكون معه من الإيمان ما يصح به إسلامه، بمعنى أن تكون العبارة: ليس كل مسلم مؤمنًا كامل الإيمان. ومثل: عبارة: (لبس المخيط) ضمن محظورات الإحرام، كذلك لا تعني ما فيه خيط يجمع أجزاءه، بل المقصود ما كان مفصَّلًا على الجسد. السؤال: الآن نحن أمام أمرين عند خطاب الناس:
- الأول: نشْر هذه العبارات مع التنبيه إلى ضوابطها، وإلى ما قد تُسبب من خطأ في الفهم.
- الثاني: عدم ذكرها، واستبدالها بما يفي بالمقصود دون لَبس.
ولكن المحذور في الأول -نشر هذه العبارات مع التنبيه إلى ضوابطها- أنه قد لا يبقى في أذهان المخاطبين إلَّا كون هذه العبارات فيها خطأ، مما يُجرِّئ العامة على التعدِّي على العلماء، وتسفيه القائلين بها.
والمحذور في الثاني -الذي هو عدم ذكرها، واستبدالها بما يفي- التغيير في الميراث العلمي الذي وصلنا من علمائنا، وقد يفتح بابًا في التغيير، حتى في الصحيح منه. فأيُّ الخيارين أنسب؟

من المعروف أن مِن مداخل الشيطان شغل العبد بالمفضول عن الفاضل، وإذا وازنَّا بين طلب العلم وبر الوالدين، يبرز سؤال: هل مِن البرِّ ترك الوالدين في المنزل، والخروج للطلب؟ وهل يختلف الحكم فيما لو كانا راضيين بهذا الخروج، أو رافضين، أو يفضلان عدمه؟ وهل يختلف الحكم كذلك إذا كان في البيت منكرات، فإذا خرج لطلب العلم قَلَّ انغماسه فيها؟

هل يصح عند اختيار معلمات لتحفيظ القرآن الكريم، واللواتي يتقدَّمنَ بطلب هذه الوظيفة من أنفسهنَّ، رفض توظيف مَن في مظهرها شيء من خوارم المروءة، وهو في رأي بعض العلماء حلال؟ أليس في رفض رواية الحديث عمَّن أتى بشيء منها -أي: الخوارم- حجَّة لرفض توظيفهنَّ؟

هل يصح لمعلمة تحفيظ القرآن أن تربط بين الحكم التجويدي ومعنى الكلمة، مثل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: ٢٨]، فكلمة (كافة) بما فيها من مدٍّ لازم -ست حركات- ناسبتْ معنى الآية أكثر من كلمة (جميعًا)؛ لأن كلمة (كافة) أكثر إحاطة وشمولًا؟
وقد استُند في هذا إلى ما وجدناه في (بدائع الفوائد) لابن القيم -رحمه الله تعالى-، حيث قال: (فائدة: السر في حروف {الم}: تأمَّل سرَّ {الم} كيف اشتملتْ على هذه الحروف الثلاثة، فالألف إذا بُدئَ بها أولًا كانت همزة، وهي أول المخارج من أقصى الصدر، واللام من وسط المخارج، وهي أشدُّ الحروف اعتمادًا على اللسان، والميم آخر الحروف، ومخرجها من الفم، وهذه الثلاثة هي أصول مخارج الحروف، أعني: الحلق واللسان والشفتين، وترتَّبتْ في التنزيل من البداية، إلى الوسط، إلى النهاية، فهذه الحروف مُعتمَد المخارج الثلاثة التي تتفرَّع منها ستة عشر مخرجًا، فيصير منها تسعة وعشرون حرفًا، عليها دار كلام الأمم الأولين والآخرين، مع تضمُّنها سرًّا عجيبًا، وهو أن الألف للبداية، واللام للتوسُّط، والميم للنهاية، فاشتملت الأحرف الثلاثة على البداية والنهاية والواسطة بينهما، وكل سورة افتُتحتْ بهذه الأحرف الثلاثة فهي مشتملة على بدء الخلق، ونهايته، وتوسُّطه، فمشتملة على تخليق العالم، وغايته، وعلى التوسُّط بين البداية والنهاية، من التشريع والأوامر، فتأمَّل ذلك في البقرة، وآل عمران، وتنزيل السجدة، وسورة الروم.
وتأمَّل اقتران الطاء بالسين والهاء في القرآن، فإن الطاء جمعتْ من صفات الحروف خمس صفات لم يجمعها غيرها، وهي: الجهر، والشدَّة، والاستعلاء، والإطباق..، والسين مهموس، رِخو، مُستفِل، صَفِيريٌّ، منفتح، فلا يمكن أن يُجمع إلى الطاء حرف يقابلها كالسين والهاء، فذَكَر الحرفين اللذين جمعا صفات الحروف.
وتأمل السور التي اشتملتْ على الحروف المفردة، كيف تجد السورة مبنيَّة على كلمة ذلك الحرف، فمن ذلك (ق)، والسورة مبنيَّة على الكلمات القافية، مِن ذِكر القرآن، وذكر الخلق، وتكرير القول ومراجعته مرارًا، والقرب من ابن آدم، وتلقِّي الملكين قول العبد، وذكر الرقيب، وذكر السائق والقرين، والإلقاء في جهنم، والتقدُّم بالوعيد، وذكر المتقين، وذكر القلب، والقرون، والتنقيب في البلاد، وذكر القيل مرتين، وتشقُّق الأرض، وإلقاء الرواسي فيها، وبسوق النخل، والرزق، وذكر القوم، وحقوق الوعيد، ولو لم يكن إلا تكرار القول والمحاورة.
وسرٌّ آخر، وهو أن كل معاني هذه السورة مناسبة لما في حرف القاف، من الشدة، والجهر، والعلو، والانفتاح.
وإذا أردتَ زيادة إيضاح هذا، فتأمَّل ما اشتملتْ عليه سورة (ص) من الخصومات المتعددة، فأولها خصومة الكفار مع النبي -صلى الله عليه وسلم-: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} [ص: 5] إلى آخر كلامهم، ثم اختصام الخصمين عند داود -عليه السلام-، ثم تخاصم أهل النار، ثم اختصام الملأ الأعلى في العلم، وهو الدرجات والكفَّارات، ثم مخاصمة إبليس، واعتراضه على ربه في أمره بالسجود لآدم، ثم خصامه ثانيًا في شأن بنيه، وحَلِفه ليُغويَنَّهم أجمعين، إلَّا أهل الإخلاص منهم. فليتأمَّل اللبيب الفطن: هل يليق بهذه السورة غير (ص)، وبسورة (ق) غير حرفها، وهذه قطرة من بحر من بعض أسرار هذه الحروف، والله أعلم)، انتهى كلامه -رحمه الله-.